إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أشعرت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه

          6391- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ بالإفراد (إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرٍ) الحزاميُّ المدنيُّ أحدُ الأعلام قال: (حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ) أبو ضمرة(1) (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير بن العوَّام (عَنْ عَائِشَةَ ♦ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم طُبَّ) بضم الطاء المهملة وتشديد الموحدة، سُحِرَ(2) (حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ) مبنيٌّ(3) للمفعول واللام للتَّأكيد، أي: يظهر له من نشاطهِ، وسابق عادته (أَنَّهُ قَدْ صَنَعَ الشَّيْءَ وَمَا صَنَعَهُ) أي: جامعَ نساءه وما جامعهنَّ، فإذا دنا منهنَّ أخذتْه أخذة السِّحر فلم يتمكَّن من ذلك، ولم يكنْ ذلك إلَّا في أمرِ زوجاته فلا ضررَ فيه على نبوَّته؛ إذ هو معصومٌ (وَأَنَّهُ) ╕ (دَعَا رَبَّهُ) ╡، وفي «كتاب الطِّبِّ» [خ¦5766] من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة: «دعا الله ودعاهُ» (ثُمَّ قَالَ: أَشَعَرْتِ) أَعَلِمْتِ (أَنَّ اللهَ) تعالى (أَفْتَانِي) ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”قد أَفتاني“ (فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ) ♦ : (فَمَا) بالفاء، ولأبي ذرٍّ: ”وما“ (ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: جَاءَنِي رَجُلَانِ) أي: مَلَكانِ في صفةِ رجلين (فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا) وهو: جبريلُ (عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ) وهو ميكائيلُ (عِنْدَ رِجْلَيَّ) بتشديد التحتية على التَّثنية (فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ) وفي الرِّواية المذكورة: «فقال الَّذي عند رأسِي للآخر». وعند الحميديِّ: «فقال الَّذي عند رجليَّ للَّذي عند رأسي» قال الحافظ ابن حَجرٍ: وكأنَّها أصوبُ (مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟) يعني: النَّبيَّ صلعم (قَالَ: مَطْبُوبٌ) أي: مسحورٌ (قَالَ: مَنْ طَبَّهُ) مَن سَحَرَه؟ (قَالَ) / سحرهُ: (لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ) بفتح الهمزة وسكون العين وفتح الصاد المهملتين، وزاد في الرِّواية المذكورة‼: «رجلٌ من بني زُرَيق حليف اليهود وكان منافقًا» (قَالَ: فَبِمَاذَا) سَحَرَهُ؟ (قَالَ: فِي مُشْطٍ) الآلة المعروفة (وَمُشَاطَةٍ) بضم الميم وبالطاء، ما يخرج من الشَّعر بالمشط، وفي رواية ابن جريج: عن آل عروة عن عروة _في «الطِّبِّ»_: «مُشَاقَة(4)» [خ¦5765] بالقاف (وَجُفِّ طَلْعَةٍ) بضم الجيم وتشديد الفاء وإضافتها لتاليها، وعاءُ طلع النَّخل، وقيَّده في أخرى: بـ «ذَكَرٍ» [خ¦3268] (قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ فِي ذَرْوَانَ) بالذال المعجمة المفتوحة وسكون الراء (وَذَرْوَانُ بِئْرٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ. قَالَتْ) عائشةُ ♦ : (فَأَتَاهَا رَسُولُ اللهِ صلعم ) في أناسٍ من أصحابهِ فنظر إليها وعليها نخلٌ (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ) ♦ (فَقَالَ) لها: (وَاللهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا) يعني: البئر (نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ) بضم النون بعدها قاف، أي: في حمرةِ لونه (وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا) أي: نخل البستان الَّتي(5) هي فيه (رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ) في بشاعة منظرها وخُبثها، ويحتملُ أن يُراد بـ «رؤوس الشَّياطين»: رؤوس الحيَّات؛ إذ العرب تسمِّي بعض الحيَّات شيطانًا (قَالَتْ) عائشة ♦ : (فَأَتَى رَسُولُ اللهِ صلعم فَأَخْبَرَهَا عَنِ البِئْرِ(6)) قالت عائشة: (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَهَلَّا أَخْرَجْتَهُ) أي: الجُفَّ (قَالَ) ╕ : (أَمَّا أَنَا) بتشديد الميم (فَقَدْ شَفَانِي اللهُ) منهُ (وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا) باستخراجه فيتعلَّمونه، ويضرُّون به المسلمين (زَادَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ) ابن أبي إسحاق السَّبيعيُّ على الحديث المذكور، ممَّا(7) وصله في «الطِّبِّ» [خ¦5763] (وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ) ممَّا سبق في «بدء الخلق» [خ¦3268] كلاهما (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ) ♦ ، أنَّها(8) (قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ) ولأبي ذرٍّ: ”رسول الله“ ( صلعم ) بضم السين مبنيًّا للمفعول (فَدَعَا وَدَعَا) بتكرير «دعا» مرَّتين (وَسَاقَ الحَدِيثَ...) إلى آخره، ولم يذكر في رواية أنس بن عياضٍ المسوقة في هذا الباب تكرير الدُّعاء، وفي رواية عبدِ الله بن نُميرٍ عن هشامٍ _عند مسلم_ في هذا الحديث: «فدعا ثمَّ دعا». وبالتَّكرير تحصلُ المطابقةُ بين الحديث والتَّرجمة.


[1] في (د): «أبو حمزة».
[2] «سحر»: ليست في (د).
[3] في (د): «مبنيًا».
[4] في (س): «في مشاقة».
[5] في (س): «الَّذي».
[6] قوله: «قالت عائشة... عن البئر»: ليس في (د).
[7] في (د): «فيما».
[8] في (ع): «فيما»، «أنها»: ليست في (د).