إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان رسول الله يتعوذ من جهد البلاء

          6347- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيينة قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (سُمَيٌّ) بضم السين وفتح الميم وتشديد التحتية، مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان الزَّيَّات (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ ، أنَّه قال: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَتَعَوَّذُ) تعبُّدًا وتواضعًا وتعليمًا لأمَّته (مِنْ جُـَهْدِ البَلَاءِ) بفتح الموحدة مع المدِّ، ويجوز الكسر مع القصر، وهو الحالةُ الَّتي يمتحنُ بها الإنسان، وتشقُّ عليه بحيث يتمنَّى فيها الموت ويختاره عليها، وعن ابن عُمر: جهد البلاء: قلَّة المال وكثرةُ العيال (وَ) من (دَرَكِ الشَّقَاءِ) بفتح الدال والراء المهملتين وقد تسكن الراء، اللَّحاق والوصول إلى الشَّيء، و«الشَّقاء» بالشين المعجمة والقاف: الهلاك، وقد(1) يطلقُ على السَّبب المؤدِّي إلى الهلاك (وَ) من (سُوءِ القَضَاءِ) ما يسوءُ الإنسان ويوقعه في المكروهِ، ولفظ السُّوء منصرفٌ(2) إلى المقضيِّ عليه دون القضاءِ، وهو _كما قال النَّوويُّ_ شاملٌ للسُّوء في الدِّين والدُّنيا والبدن والمال والأهل، وقد يكونُ في الخاتمةِ، أسألُ الله تعالى العافية، وأسألُه(3) بوجاهة وجههِ الوجيه(4) أن يختمَ لي وللمسلمين بخاتمةِ الحُسنى، ويرفعنا إلى المحلِّ الأسنى بمنِّه وكرمه (وَ) من (شَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ) وهي فرح العدوِّ ببليَّةٍ تنزلُ بمن يُعاديه.
          (قَالَ سُفْيَانُ) بن عُيينة، بالسَّند السَّابق: (الحَدِيثُ) مذكورٌ فيه (ثَلَاثٌ، زِدْتُ أَنَا وَاحِدَةً) من قِبَلِ نفسي (لَا أَدْرِي أَيَّتُهُنَّ هِيَ) وقد أخرج الإسماعيليُّ / الحديثَ من طريقِ ابن أبي عمرٍ عن سفيان فبيَّن فيه أنَّ الخَصلة المزيدة هي: «شماتةُ الأعداء». ولعلَّ سفيانَ كان إذا حدَّث ميَّزها، ثمَّ طالَ الأمر فطرأَ عليه النِّسيان فحفظَ بعض مَن سمعَ تعيينها منه قبل أن يطرأَ عليه النِّسيان، ثمَّ كان بعدَ أن خفيَ عليه تَعْيينها يذكر كونها مزيدةً مع إبهامها.
          والحديثُ‼ أخرجهُ البخاريُّ أيضًا في «القدر» [خ¦6616]، ومسلمٌ في «الدَّعوات»، والنَّسائيُّ في «الاستعاذة».


[1] «وقد»: ليست في (ص) و(ع).
[2] في (ب) و(س): «ينصرف».
[3] «وأسأله»: ليست في (ع) و(ص)، «العافية وأسأله»: ليست في (د).
[4] في (ب) و(س): «الكريم».