إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره

          6309- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“ بالإفراد (إِسْحَاقُ) هو: ابنُ منصورٍ، كما قال الجيانيُّ، ولفظه يحتمل أن يكون ابن منصورٍ، فإنَّ مسلمًا أخرج عن إسحاق بن منصورٍ، عن حبَّان حديثًا غير هذا، وقوَّاه الحافظُ ابن حَجرٍ بما في «باب البيعان بالخيار» في رواية أبي عليِّ بن شبويه: ”حدَّثنا إسحاق بن منصورٍ: حدَّثنا حبَّان“ [خ¦2110] فذكر حديثًا غير هذا، قال: (أَخْبَرَنَا حَبَّانُ) بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة، ابن هلال الباهليُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”أَخْبرنا“(1) (هَمَّامٌ) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى، ابن يحيى قال: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ) بن دِعامة، ولأبي ذرٍّ: ”عن قتادة“ قال: (حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ) ☺ ، وسقط لأبي ذرٍّ «ابن مالكٍ» (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) قال البخاريُّ: (ح(2) وَحَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”وحَدَّثني“ بالإفراد (هُدْبَةُ) بن خالدٍ قال: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) قال: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : اللهُ) بهمزة وصل (أَفْرَحُ) أرضى (بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ) وهو من باب التَّمثيل كما مرَّ، وهو أن يشبِّه الحال الحاصلة بتنجيز الرِّضا والإقبال على العبد التَّائب بحال مَن كان في المفازة على الصُّورة المذكورة في الحديث، ثمَّ يترك المشبَّه ويذكر المشبَّه به(3)، وفي مسلمٍ من رواية أبي هريرة وغيره: «لله أفرحُ بتوبةِ عبده المؤمن» / (مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ) أي: صادفهُ وعثر عليهِ من غير قصدٍ فظفرَ به (وَقَدْ أَضَلَّهُ) ذهبَ منه بغير قصدهِ (فِي أَرْضِ فَلَاةٍ) بالإضافة، أي: مفازة ليس فيها ما يؤكلُ وما لا يُشرب‼. قال في «الفتح»: إلى هنا انتهتْ رواية قتادة. وزاد إسحاق بن أبي طلحة عن أنسٍ فيه _عند مسلمٍ_: «فانفلتتْ منه وعليهَا طعامهُ وشرابَهُ فآيس منها، فأَتى شجرةً فاضطجعَ في ظلِّها فنامَ، فبينما هو كذلكَ إذا بها قائمةٌ عنده فأخذَ بخطامهَا، ثمَّ قال من شدَّة الفرحِ: اللَّهمَّ أنتَ عبدِي وأنا ربُّك، أخطأَ من شدَّة الفرحِ»، وفيه كما قال القاضي عياضٌ: إنَّ مثل هذا إذا(4) صدرَ في حال الدَّهشة والذُّهول لا يؤاخذُ به الإنسان، وكذا حكايتُه عنه على وجهِ العلم أو الفائدةِ الشَّرعيَّة لا على سبيلِ الهزءِ والعبث، والله تعالى بمنِّه وكرمهِ يعافينا من كلِّ مكروهٍ بمنِّه وكرمهِ(5).


[1] قوله: «ولأبي ذرٍّ أخبرنا»: ليس في (د).
[2] «ح»: ليست في (ص).
[3] قوله: «ويذكر المشبه به»: ليس في (د).
[4] «إذا»: ليست في (ب).
[5] قوله: «بمنِّه وكرمه»: ليس في (د).