إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: سئل رسول الله عن البتع وهو نبيذ العسل

          5586- 5587- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بنُ نافع قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابنُ أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمد بن مسلم ابنِ شهابٍ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف (أَنَّ عَائِشَةَ ♦ قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ(1) صلعم عَنِ البِتْعِ وَهْوَ نَبِيذُ العَسَلِ) بالذال المعجمة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”وهو شراب العسل“ (وَكَانَ أَهْلُ اليَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ) وقد وردَ لفظ هذا ومعناه من طرقٍ عن أكثر من ثلاثين من الصَّحابة مضمونها: أنَّ المسكر لا يحلُّ تناوله ويكفي ذلك في الرَّدِّ على المخالفِ، وأمَّا ما احتجُّوا به من حديث ابن عبَّاس عند النَّسائيِّ برجالٍ ثقاتٍ مرفوعًا: «حرِّمت الخمرُ قليلُها وكثيرُها، والسُّكرُ(2) من كلِّ شرابٍ» فاختلف‼ في وصلهِ وانقطاعهِ، وفي رفعهِ ووقفهِ، وعلى تقدير صحَّته فقد رجَّح الإمام أحمد وغيره أنَّ الرِّواية فيه بلفظ: «والمُسْكر» بلفظ(3) الميم وسكون السين، لا السُّكر _بضم السين(4) أو بفتحتين_ وعلى تقدير ثبوتها فهو حديثٌ فردٌ ولفظه محتملٌ، فكيف يعارض عمومَ تلك الأحاديثِ مع صحَّتِها وكثرَتِها.
          (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ) محمد بن مسلم ابنِ شهابٍ، بالإسناد السَّابق، أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ) ☺ ، وسقط «ابن مالك» لأبي ذرٍّ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: لَا تَنْتَبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَلَا فِي المُزَفَّتِ) قال الزُّهريُّ: (وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُلْحِقُ مَعَهُمَا الحَنْتَمَ) بالحاء المهملة والمثناة الفوقية (وَالنَّقِيرَ) وعند مسلمٍ من طريق زاذان قال: سألتُ ابنَ عمر عن الأوعيةِ، فقلتُ: أخبرناهُ بلغتكُم، وفسِّره لنا بلغتنَا فقال: «نهى رسولُ الله صلعم عن الحنتمةِ، وهي الجرَّة، وعن الدُّبَّاء وهي القرعة، وعن النَّقِير وهي(5) أصل النَّخْلة تنقر، وعن المزفَّتِ وهو المقيَّر»، وليس المراد أنَّ أبا هريرة يلحق الحنتَمَ والنَّقير من قبل نفسهِ وأنَّه رأيٌ رآه، بل المراد أنَّه يلحقهما في روايته عن النَّبيِّ صلعم فهو مرفوعٌ.


[1] في (م): «النبي».
[2] في (م): «المسكر».
[3] في (م) و(د): «بضم».
[4] في (د): «بضم وسكون».
[5] في (د): «وهو».