إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: دعوه فإن لصاحب الحق مقالًا

          2306- وبه قال: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ) الواشحيُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ) الحضرميِّ الكوفيِّ، أنَّه قالَ: (سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ) عبد الله، أو إسماعيل (بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوفٍ الزُّهريَّ المدنيَّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ : أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلعم ) حال كونه (يَتَقَاضَاهُ) أي: يطلب منه قضاء دَينٍ، وهو بعيرٌ له سنٌّ مُعيَّنٌ كما مرَّ قريبًا [خ¦2305] (فَأَغْلَظَ) للنَّبيِّ صلعم لكونه كان يهوديًّا، أو كان مسلمًا وشدَّد في المطالبة من غير قدرٍ زائدٍ يقتضي كفرًا، بل جرى(1) على عادة الأعراب من الجفاء‼ في المخاطبة، وهذا أَولى، ويدلُّ له ما رواه الإمام أحمد عن عبد الرَّزَّاق عن سفيان: جاء أعرابيٌّ يتقاضى النَّبيَّ صلعم بعيرًا، ووقع في ترجمة بكر بن سهلٍ(2) من «المعجم الأوسط» للطَّبرانيِّ عن العرباض بن سارية ما يُفهَم أنَّه هو، لكن روى النَّسائيُّ والحاكم الحديث المذكور وفيه ما يقتضي أنَّه غيره، وكأنَّ القصَّة وقعت للأعرابيِّ، ووقع للعرباض نحوها. (فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ) ╕ و ♥ ، أي: أرادوا أن يؤذوا الرَّجل المذكور بالقول أو الفعل(3) لكنَّهم لم يفعلوا ذلك أدبًا معه ╕ (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : دَعُوهُ) أي: اتركوه ولا تتعرَّضوا له، وهذا من حُسن خُلُقه ╕ وكرمه، وقوَّة صبره على الجفاة مع قدرته على الانتقام منهم (فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا) أي: صولة الطَّلب وقوَّة الحجَّة، لكنَّه على من يمطله أو يسيء المعاملة لكن مع مراعاة(4) الأدب المشروع (ثُمَّ قَالَ) ╕ : (أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ لَا نَجِدُ) سنًّا (إِلَّا أَمْثَلَ) أي: أفضل (مِنْ سِنِّهِ) وسقط في الفرع وأصله: «لا نجد»، فصار لفظه: ”قالوا: يا رسول اللَّه إلَّا أمثل من سنِّه“ (5) (فَقَالَ) ╕ ، ولأبي الوقت: ”قال“ : (أَعْطُوهُ، فَإِنَّ خَيْرَكُمْ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ(6): ”فإنَّ من خيركم“ (أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً) ومطابقته للتَّرجمة ظاهرةٌ.


[1] «بل جرى»: ليس في (ص).
[2] في (د): «سهيلٍ»، وهو تحريفٌ.
[3] في (ب) و(س): «بالفعل».
[4] في (ب) و(س): «رعاية».
[5] قوله: «مِنْ سِنِّهِ، وسقط في الفرع، وأصله... أمثل من سنِّه» سقط من (د).
[6] «ولأبي ذرٍّ عن»: ليس في (د)، وفيها «وللكشميهنيِّ».