إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا بني النجار ثامنوني

          1868- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) بفتح الميمين وبينهما مهملةٌ ساكنةٌ، عبد الله بن عمرو بن الحجَّاج المِنْقَريُّ المُقعَد قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيدٍ العنبريُّ البصريُّ (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ) بفتح المُثنَّاة الفوقيَّة والتَّحتيَّة المُشدَّدتين آخره مهملةٌ، يزيد بن حُمَيدٍ الضُّبعيِّ (عَنْ أَنَسٍ) هو ابن مالكٍ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلعم المَدِينَةَ) يوم الجمعة‼ لثنتي عشرة من ربيع الأوَّل، في قول ابن الكلبيِّ، وفي «مسلمٍ»_كالبخاريِّ في «الصَّلاة» [خ¦428]_: أنَّه أقام في قباءٍ قبل أن يدخل المدينة أربع عشرة ليلةً، وأسَّس مسجد قباءٍ، ثمَّ رحل إلى المدينة (وَأَمَرَ) ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”فأمر“ (بِبِنَاءِ المَسْجِدِ) بها (فَقَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ) وهم أخواله ╕ (ثَامِنُونِي) بالمُثلَّثة وكسر الميم؛ أي: بايعوني بالثَّمن، وفي «الصَّلاة»: «ثامنوني بحائطكم» أي: ببستانكم(1)، وحُذِف ذلك هنا، والمخاطب بهذا من يستحقُّ الحائط، وكان _فيما قيل_ لسهلٍ وسهيلٍ؛ يتيمين في حجر أسعد بن زرارة (فَقَالُوا) اليتيمان(2) ووليُّهما، ولأبي الوقت: ”قالوا“ : (لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللهِ) أي: منه تعالى، زاد أهل السِّيَر: فأبى رسول الله صلعم حتَّى ابتاعه منهما بعشرة دنانير، وأمر أبا بكرٍ أن يعطي ذلك، وزاد في «الصَّلاة»: أنَّه كان في الحائط قبورُ المشركين وخَرِبٌ (فَأَمَرَ) صلعم (بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ) وبالعظام فغُيِّبت (ثُمَّ بِالخِرَبِ) بكسر الخاء المعجمة وفتح الرَّاء، جمع خِرْبَةٍ كذا في «اليونينيَّة»، وفي الفرع: بفتح الخاء وكسر الرَّاء(3) (فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المْسَجِدِ) أي: في جهتها، وإنَّما قطع ╕ الشَّجر لأنَّه كان في(4) أوَّل الهجرة، وحديث التَّحريم إنَّما كان بعد رجوعه صلعم من خيبر كما سيأتي _إن شاء الله تعالى_ في «الجهاد» و«المغازي»، أو أنَّ النَّهي(5) عنه مقصورٌ على القطع الذي يحصل به الإفساد، فأمَّا من يقصد الإصلاح فلا، أو النَّهي إنَّما يتوجَّه / إلى ما أنبته الله من الشَّجر ممَّا لا صنع للآدميِّ فيه؛ كما حُمِل عليه النَّهيُ عن قطع شجر مكَّة، وعلى هذا يُحمَل قطعه ╕ وجعله قبلة المسجد، ففيه تخصيص النَّهي عن قطع الشَّجر بما لا ينبته الآدميُّون كما أنَّ في الحديث السَّابق [خ¦1867] التَّصريحَ بكون المدينة حرمًا، وهذا الحديث مضى في «الصَّلاة» [خ¦428] ويأتي بتمامه إن شاء الله تعالى في «المغازي» [خ¦3932].


[1] في (د): «بستانكم».
[2] في (ج): «اليتيمين».
[3] قوله: «كذا في اليونينيَّة، وفي «الفرع»: بفتح الخاء وكسر الرَّاء» ليس في (م).
[4] «في»: ليس في (د).
[5] في (د): «المنهيَّ».