إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا

          7213- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة الحافظ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ (وَقَالَ اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام، فيما وصله الذُّهليُّ في «الزُّهريَّات» كما في «المقدِّمة»: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (يُونُسُ) بن يزيد الأَيليُّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبُو إِدْرِيسَ) عائذ الله بن عبد الله (الخَوْلَانِيُّ) بفتح الخاء المعجمة، وبعد اللَّام ألفٌ ونون(1) الدِّمشقيُّ قاضيها: (أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ) ☺ (يَقُولُ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلعم ) وسقط لفظ «لنا» لأبي ذرٍّ (وَنَحْنُ فِي مَجْلِسٍ) ولأبي ذرٍّ: ”في المجلس“: (تُبَايِعُونِي) تعاقدوني (عَلَى) التوحيد (أَلَّا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا) أي: على ترك الإشراك، وهو عامٌّ؛ لأنَّه نكرةٌ في سياق النَّهي كالنَّفي (وَلَا تَسْرِقُوا) بحذف المفعول؛ ليدلَّ على العموم (وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ) نهيٌّ عمَّا كانوا يفعلونه من وَأْدِهم بناتهم خشية الفاقة، وهو أشنع القتل؛ لأنَّه قتلٌ وقطيعة رحم (وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ) بكذبٍ يبهت سامعه(2)، أي: يُدهِشه لفظاعته؛ كالرَّمي بالزِّنى (تَفْتَرُونَهُ) تختلقونه (بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ) خصَّهما بالافتراء؛ لأنَّ معظم الأفعال يقع بهما؛ إذ كانت هي العوامل والحوامل للمباشرة والسَّعي، وقد يُعاقَب الرجل بجنايةٍ قوليَّةٍ، فيقال: هذا بما كسبت يداك، وقال في «الكواكب»: المراد: الأيدي، وذكر الأرجل تأكيدًا، وقيل: المراد(3) بما بين الأيدي والأرجل: القلبُ؛ لأنَّه الذي يترجم اللِّسان عنه؛ فلذلك نسب إليه الافتراء؛ كأنَّ المعنى: لا ترمُوا أحدًا بكذبٍ(4) تزوِّرونه في أنفسكم، ثمَّ تبهتون صاحبكم بألسنتكم (وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ) عُرِفَ من الشَّارع حسنهُ نهيًا وأمرًا (فَمَنْ وَفَى) بالتَّخفيف ويشدَّد (مِنْكُمْ) بأن(5) ثبت على العهد (فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) فضلًا (وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَعُوقِبَ) به (فِي الدُّنْيَا فَهْوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا) غير الشِّرك (فَسَتَرَهُ اللهُ) عليه في الدُّنيا (فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ؛ إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ) بعدله (وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ) بفضله (فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ) قال ابن المُنَيِّر فيما نقله عنه في «فتح الباري»: أدخل البخاريُّ حديث عبادة بن الصَّامت في ترجمة «بيعة النِّساء» لأنَّها وردت في القرآن في حقِّ النِّساء، فعُرِفَت‼ بهنَّ، ثمَّ استُعمِلت في الرِّجال. انتهى. ووقع في بعض طرقه عن عبادة قال: أخذ علينا رسول الله صلعم كما أخذ على النِّساء ألَّا نشرك بالله شيئًا(6)، ولا نسرق، ولا نزني... الحديث.
          وحديث الباب سبق في «الإيمان» أوائل الكتاب [خ¦18].


[1] في غير (د): «نونٌ».
[2] في (د): «صاحبه».
[3] في (د): «ما».
[4] زيد في (د): «بزورٍ».
[5] في (د): «فإن».
[6] «شيئًا»: سقط من (د).