إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لو دخلوها ما خرجوا منها أبدًا

          7145- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ) قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) حفصٌ قال: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمان بن مهران قال: (حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ) بسكون العين في الأوَّل، وضمِّها مع(1) فتح الموحَّدة في الثَّاني، أبو حمزة _بالزَّاي_ ختن أبي عبد الرَّحمن (عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) عبد الله بن حبيب السُّلَمِيِّ، لأبيه صحبةٌ (عَنْ عَلِيٍّ ☺ ) هو ابن أبي طالبٍ أنَّه (قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلعم سَرِيَّةً): قطعةً من الجيش نحو ثلاث مئةٍ أو أربع مئةٍ؛ بسبب ناسٍ تراءاهم أهل جدَّة سنة تسعٍ (وَأَمَّرَ / عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ) اسمه: عبد الله بن حُذافة السَّهميُّ المهاجريُّ، وفيه مجازٌ، أو يكون بالمعنى(2) الأعمِّ من كونه ممَّن نصر النَّبيَّ صلعم في الجملة، أو كان أنصاريًّا بالمحالفة، وفي «ابن ماجه» و«مسند الإمام أحمد» تعيين عبد الله بن حُذافة السَّهميِّ(3)، وأنَّ أبا سعيدٍ كان من جملة المأمورين (وَأَمَرَهُمْ) ◙ (أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ) ولمسلمٍ: فأغضبوه في شيءٍ (وَقَالَ) لهم: (أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صلعم أَنْ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: عَزَمْتُ(4)) ولأبي ذرٍّ: ”قد عزمت“ (عَلَيْكُمْ لَمَا) بتخفيف الميم (جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا، ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا، فَجَمَعُوا حَطَبًا فَأَوْقَدُوا) زاد الكُشْمِيهَنيِّ: ”نارًا“ فقال: ادخلوها، وقيل: إنَّما أمرهم بدخولها؛ ليختبر حالهم في الطَّاعة، أو فعل ذلك إشارةً إلى أنَّ مخالفته توجب دخول النَّار‼، وإذا شقَّ عليكم دخول هذه النَّار؛ فكيف تصبرون على النَّار الكبرى؟ ولو رأى منهم الجدَّ في وُلوجها؛ منعهم (فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ) فيها (فَقَامَ) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”فقاموا“ (يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ) زاد في «المغازي» [خ¦4340] وجعل بعضهم يمسك بعضًا، فـ (قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِيَّ صلعم فِرَارًا مِنَ النَّارِ) بكسر الفاء (أَفَنَدْخُلُهَا؟) بهمزة الاستفهام (فَبَيْنَمَا) بالميم (هُمْ كَذَلِكَ؛ إِذْ خَمَـِدَتِ النَّارُ) بفتح المعجمة والميم وتُكسَر انطفأ لهبها(5) (وَسَكَنَ(6) غَضَبُهُ، فَذُكِرَ) ذلك (لِلنَّبِيِّ صلعم ، فَقَالَ: لَوْ دَخَلُوهَا) أي: لو دخلوا النَّار التي أوقدوها ظانِّين أنَّهم بسبب طاعتهم أميرهم لا تضرُّهم (مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا) أي: لمَاتوا فيها، ولم يخرجوا منها مدَّة الدُّنيا، ويُحتَمل أن يكون الضَّمير في «منها» لنار الآخرة، والتَّأبيد محمولٌ على طول الإقامة، لا على البقاء الممتدِّ دائمًا من غير انقطاعٍ؛ لأنَّهم لم يكفروا بذلك فيجب عليهم التَّخليد (إِنَّمَا) تجب (الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ) لا في المعصية.
          والحديث مرَّ في «المغازي» [خ¦4340].


[1] في (ب) و(س): «و».
[2] في (د): «ويكون المعنى».
[3] «السهمي»: ثبتٌ من (د) و(ع).
[4] في (د): «فعزمت».
[5] في (ب) و(س): «لهيبها».
[6] في (ص): «فسكن».