إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي

          7008- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبِي) إبراهيمُ بنَ سعدِ بنِ إبراهيم بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوف (عَنْ صَالِحٍ) أي: ابنِ كَيسان (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّدِ بن مسلمٍ الزُّهريِّ أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو أُمَامَةَ) أسعد (بْنُ سَهْلٍ) بسكون الهاء بعد فتح، ابن حنيفٍ الأنصاريُّ، أدرك النَّبيَّ صلعم ولم يسمعْ منه (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ) سعد بن مالكٍ (الخُدْرِيَّ) ☺ (يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : بَيْنَمَا) بالميم (أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ) من الرُّؤيا الحلميَّة على الأظهر، أو من البصريَّة، فتطلب مفعولًا واحدًا وهو النَّاس، وحينئذٍ فقوله: (يُعْرَضُونَ) بضم أوَّله وفتح ثالثه، جملةٌ حاليَّة، أو علميَّة من الرَّأي، فتطلبُ مفعولين وهما «النَّاس» و«يعرضون» (عَلَيَّ) أي: يظهرون لي(1) (وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ) بضم القاف والميم، جمع: قميصٍ (مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ) بضم المثلثة وكسر المهملة(2) وتشديد التَّحتية، والمراد: قصرهُ جدًّا بحيثُ لا يصلُ من الحلقِ إلى نحو السُّرَّة بل فوقها، ولغير أبي ذرٍّ: ”الثَّدْيَ“ بفتح المثلثة وسكون المهملة (وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ) فلم يصلْ إلى الثَّدي لقلَّته، أو المراد دونه من جهة السُّفلى فيكون أطول، وفي رواية الحكيم التِّرمذيِّ من طريقٍ أخرى: عن ابن المباركِ عن يونس عن الزُّهريِّ _في هذا الحديث_: «فمنهم من كان قميصُه إلى سرَّته، ومنهم من كان قميصُه إلى ركبتِهِ(3)، ومنهم من كان قميصهُ إلى أنصافِ ساقيهِ» (وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ) لطولهِ (قَالُوا) أي: الصَّحابة: (مَا أَوَّلْتَ) ذلك (يَا رَسُولَ اللهِ؟) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والكُشمِيهنيِّ: ”ما أوَّلته يا رسول الله“؟ (قَالَ): أوَّلته (الدِّينَ) لأنَّ القميصَ يسترُ العورة في الدُّنيا، والدِّين يسترُها في الآخرة، ويحجبُها عن كلِّ مكروهٍ، وفيه فضيلة عمر ☺ ، ولا يلزمُ منه تفضيلُه‼ على(4) أبي بكرٍ، ولعلَّ السِّرَّ في السُّكوت عن ذكرهِ الاكتفاء بما علمَ من أفضليَّته، أو ذكرَ وذَهِل الرَّاوي عنه. وليس في الحديثِ التَّصريح بانحصارِ ذلك في عمر ☺ ، فالمراد: التَّنبيه على أنَّه ممَّن حصلَ له الفضلُ البالغ في الدِّين.
          والحديث سبق في «الإيمان» [خ¦23].


[1] في (د) زيادة: «وسقط لفظ: «عليَّ» لأبي ذرٍّ وابن عساكر».
[2] في (ع): «المهملتين».
[3] في (ص): «ركبتيه».
[4] في (ب): «عن».