إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أعطيت مفاتيح الكلم ونصرت بالرعب

          6998- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ) بكسر الميم وسكون القاف بعدها مهملة فألف فميم(1) (العِجْلِيُّ) قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ) بضم الطاء المهملة(2) وتخفيف الفاء وبعد الألف واو مكسورة، نسبةً إلى بني طُفَاوة، أو إلى الطُّفَاوة موضع(3) قال: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ) السَّخْتِيانِيُّ (عَنْ مُحَمَّدٍ) هو: ابنُ سيرين (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ أنه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : أُعْطِيتُ) بضم الهمزة (مَفَاتِيحَ الكَلِمِ) بنصب «مَفَاتيح» مفعول ثانٍ لأُعْطيت. قال الكِرْمانيُّ وتبعه البَرْماويُّ: أي لفظٍ قليلٍ يُفيد مَعاني كثيرة، وهذا(4) غايةُ البلاغةِ، وشبَّه ذلك / القليلَ بمفاتيحِ الخزائن التي هي آلةٌ للوصولِ إلى مخزوناتٍ مُتَكاثرةٍ. وعند الإسماعيليِّ عن الحسن بنِ سفيان وعبد الله بنِ ياسين كلاهما عن أحمدَ بن المقدام: «أُعْطيتُ جوامعَ الكلمِ».
          والحاصلُ: أنَّه صلعم كان يتكلَّم(5) بالقولِ الموجزِ القليلِ اللَّفظ الكثير المعاني، وقيل: المراد بجوامعِ الكلم: القرآن، ومن أمثلة جوامعهِ قولُه تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:179] وقولُه تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}[النور:52] ومن ذلك من(6) الأحاديثِ النَّبويَّة حديث عائشة: «كلُّ عملٍ ليسَ عليه أمرُنَا فهو ردٌّ» [خ¦2697] وحديث: «كلُّ شرطٍ ليس في كتابِ الله فهو باطلٌ» [خ¦2168] متَّفق عليهما (وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ) بضم النون، والرُّعْب _بضم الراء وسكون العين المهملة_ أي: الفزع يقذفُ في قلوبِ أعدائي‼، وزاد في «التَّيمُّم» [خ¦335] «مسيرة شهرٍ» أي: ينهزمون من عسكرِ الإسلامِ بمجرَّد الصِّيت ويفرقون منهم (وَبَيْنَمَا) بالميم (أَنَا نَائِمٌ البَارِحَةَ) اسمٌ للَّيلة الماضية وإن كان قبل الزَّوال (إِذْ أُتِيتُ(7) بِمَفَاتِيحِ(8) خَزَائِنِ الأَرْضِ) كخزائنِ كسرى وقيصر، أو معادن الأرض الَّتي منها الذَّهب والفضَّة (حَتَّى وُضِعَتْ فِي يَدِي) حقيقةً أو مجازًا، فيكون كنايةً عن وعدِ الله بما ذكرَ أنَّه يُعطيه أمَّته، وكذا كان، ففتح(9) لأمَّته ممالكَ كثيرةً قسَّموا أموالها، واستباحُوا خزائنَ ملوكها.
          (قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) ☺ بالسَّند السَّابق: (فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) أي: توفِّي (وَأَنْتُمْ تَنْتَقِلُونَهَا) بالقاف المكسورة، من انتقل(10) من مكانٍ إلى مكانٍ، هذه روايةُ أبي ذرٍّ عن المُستملي، وله عن الحَمُّويي: ”تَنْتَثِلُونَها(11)“ بالمثلثة بدل القاف، تستخرجونها(12) كاستخراجِهم لخزائنِ كسرى ودَفائن قيصر، وفي بعضِ الرِّوايات(13): ”تنتفلونهَا“ «بالفاء» بدلِ: «القاف»؛ أي(14): تغتنمونهَا.
          والحديث من أفراده.


[1] «بعدها مهملة فألف فميم»: ليست في (د).
[2] «المهملة»: ليست في (د).
[3] «أو إلى الطفاوة موضع»: ليست في (د).
[4] في (ع): «فهذه»، وفي (د): «فهذا».
[5] في (ع): «يعلم».
[6] «من»: ليست في (ص).
[7] في (ع) و(ص): «أوتيت».
[8] في (د): «مفاتيح».
[9] في (ص): «فتح»، وفي (ع): «فتح مكة».
[10] في (ع) و(د): «التنقل».
[11] في (ص): «تنثلونها».
[12] في (س): «تخرجونها».
[13] عزاها في اليونينية إلى رواية المستملي.
[14] قوله: «تستخرجونها... بدل القاف أي»: ليس في (ص).