إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لم تقطع يد سارق على عهد النبي

          6794- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثنا“ (يُوسُفُ بْنُ مُوسَى) بنِ راشدٍ القطَّان(1) الكوفيُّ سكن بغداد، قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّادُ بنُ أسامةَ (قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: أَخْبَرَنَا) أي: قال: أخبرنا هشامُ بنُ عروة (عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: لَمْ تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلعم فِي أَدْنَى) أقلَّ (مِنْ ثَمَنِ المِجَنِّ؛ تُرْسٍ) بيانٌ (أَوْ حَجَفَةٍ) بتقديم الحاء المهملة على الجيم والفتح فيهما وتاليهما (وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَا ثَمَنٍ) بنصب «ذا» فيما وقفتُ عليهِ من الأصول المعتمدةِ، وهي مصلَّحةٌ في الفَرْع على كشطٍ، وقال في «فتحِ الباري»: إنَّه كذا ثبتَ في «الأصولِ»، قال: وأفاد الكِرْمانيُّ أنَّه وقعَ في بعضِ النُّسخ: ”وكان كلُّ واحدٍ منهما ذو ثمن“ بالرَّفع، وخرَّجه على تقديرِ ضمير الشَّأن في «كان»(2). انتهى.
          قلت: وظنَّ العينيُّ أنَّ قول الحافظ ابن حجرٍ ذلك في روايةِ عبدةَ عن هشامٍ، فقال متعقِّبًا له بما نصّه / : وقال بعضُهم: وكان كلُّ واحدٍ منهما ذا ثمن، فزاد لفظ: «وكان» ونصب «ذا» ثمَّ قال: كذا ثبتَ في الأصولِ، ثمَّ قال: وأفاد الكِرْمانيُّ... إلى آخره، ثمَّ قال: قلت: هذا التَّصرف منهما ما أبعدهُ، أمَّا قول هذا القائل: كذا ثبتَ في الأصولِ، فغيرُ(3) مسلَّم بل الَّذي ثبتَ في الأصولِ هو العبارة الَّتي ذكرتُها؛ يعني: لفظَ روايةِ عبدة؛ لأنَّها على القاعدةِ السَّالمة عن الزِّيادة فيه المؤدِّية إلى تقديرِ شيءٍ. قال: وأمَّا كلام الكِرْمانيِّ بأنَّه وقع في بعض النُّسخ فغيرُ مسلَّم أيضًا؛ لأنَّ مثل هذا الَّذي يحتاجُ فيهِ إلى تأويل غالبًا من النُّسَّاخ الجهلةِ. انتهى.
          وهذا ذهولٌ؛ لأنَّ الحافظَ ابن حجرٍ إنَّما قالَ ذلك في روايةِ أبي أسامةَ، لا في روايةِ عبدة، ولفظُه: ورواية أبي أسامةَ عن هشامٍ جامعةٌ بين الرِّوايتين المذكورتين أوَّلًا، وقوله فيها: «وكان(4) كلُّ واحدٍ منهما ذا ثمنٍ...» إلى آخره، وقد ذكر العينيُّ ☼ روايةَ أبي(5) أسامةَ بلفظها على عادتهِ وفيهَا: «وكان كلُّ واحدٍ منهمَا ذا ثمنٍ». بالنَّصب كما مرَّ، ثمَّ قال بعد تعريفِ الرُّواة(6): وبقيَّةُ الشَّرح قد مرَّت عن قريبٍ.
          والحديثُ رواه مسلمٌ، وقوله: «ورواهُ وكيعٌ وابنُ إدريس» مؤخَّرٌ عن طريقِ أبي أسامةَ عند غيرِ أبي ذرٍّ.


[1] في (د): «العطار».
[2] في (ص) و(ل): «في كلٍّ».
[3] في (د): «غير»، وكذا في «الفتح».
[4] في (د): «ذلك».
[5] «أبي»: ليست في (س).
[6] في (ع): «الرواية».