إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا نورث ما تركنا صدقة

          6725- 6726- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) المسنَديُّ قال: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) هو ابنُ يوسف اليمانيُّ قاضيها قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة، ابنُ راشد (عَنِ الزُّهريِّ) محمَّد بن مسلمٍ (عَنْ عُرْوَةَ) بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ) ♦ (أَنَّ فَاطِمَةَ) الزَّهراء البَتُول (وَالعَبَّاسَ) بن عبد المطَّلب ( ♂ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ) الصِّدِّيق ☺ بعد وفاةِ رسولِ الله صلعم (يَلْتَمِسَانِ) يطلبانِ منه (مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ، وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ) منه (أَرْضَيْهِمَا مِنْ فَدَكٍَ) بفتح الفاء والدال المهملة بالصَّرف وعدمه، بلدٌ بينها وبين المدينة ثلاثُ مراحلَ (وَسَهْمَهُمَا) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”وسهمه“ بالإفرادِ (مِنْ خَيْبَرَ) بعدم الصَّرف ممَّا ترك رسولُ الله صلعم (1).
          (فَقَالَ لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ) ☺ / : (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: لَا نُورَثُ) بضم النون وفتح الراء مخففة، وعند النَّسائيِّ من حديث الزُّبير: «إنَّا معاشرَ الأنبياءِ لا نُورث» (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةًٌ) بالرَّفع خبر «ما» الموصول كما مرَّ، وجوَّز بعضهم النَّصب، وفيه بحث(2) سبقَ في «الخُمس» [خ¦3093] فلا نطيلُ به، فليراجع، وفي «العلل» للدَّارقطنيِّ من رواية أمِّ هانئ عن فاطمةَ ♀ ، عن أبي بكرٍ الصِّدِّيق ☺ : «الأنبياءُ لا يُورَثون»، والحكمةُ في أن لا يُورثوا: أنَّ الله بعثهُم مبلِّغين رسالتهُ، وأمرهم أن لا يأخذوا على ذلك أجرًا، قال تعالى: {لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}[الأنعام:90] وقال نوحٌ وهودٌ وغيرهما نحو ذلك، فكانت الحكمةُ أن لا يورثوا؛ لئلَّا يُظَنَّ أنَّهم جمعوا المال لوارثهم، وأمَّا قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}[النمل:16] فحملوه على العلمِ والحكمة، وكذا قول زكريا: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا.يَرِثُنِي}[مريم:5_6](3).
          (إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ) ╕ (مِنْ) بعض(4) (هَذَا المَالِ) بقدرِ حاجتهم، وما بقِي منه للمصالحِ، وليس المراد أنَّهم لا يأكلونَ إلَّا منه، و«مِن»(5) للتَّبعيض.
          (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لَا أَدَعُ) لا أتركُ (أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَصْنَعُهُ فِيهِ) أي(6): في المالِ (إِلَّا صَنَعْتُهُ، قَالَ: فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ) ♦ ، أي: هجرتْ أبا بكرٍ ☺ (فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ) قريبًا من ذلك بنحو ستَّة أشهرٍ، وليس المراد الهجران المحرَّم من ترك السَّلام ونحوه، بل المراد: أنَّها انقبضتْ عن لقائهِ، قاله في «الكواكب».
          والحديث سبق في «الخُمُس» [خ¦3092].


[1] «من خيبر بعدم الصرف مما ترك رسول الله صلعم »: ليست في (د).
[2] في (د): «مبحث».
[3] قوله المتقدم: «وفي العلل للدَّارقطني من رواية أمِّ هانئ: عن فاطمة ♀ ، عن أبي بكر الصديق ☺: الأنبياء لا يورثون». جاء في (د) و(ع) هنا.
[4] «بعض»: ليست في (د).
[5] في (د): «فمن».
[6] «أي»: ليست في (س).