إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن جبريل يقرئك السلام

          6253- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكَين قال: (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ) بن أبي زائدة الكوفيُّ (قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا) الشَّعبيَّ (يَقُولُ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوفٍ (أَنَّ عَائِشَةَ ♦ حَدَّثَتْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ لَهَا): يا عائشةُ (إِنَّ جِبْرِيلَ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ) بضم التحتية، ولأبي ذرٍّ: ”يَقرأ“ بفتحها ”عليك السَّلام“. قال النَّوويُّ: يعني يقرأ السَّلام عليك، وقال غيره: كأنَّه حين يُبلّغه سلامه يحملُه على أن يقرأ السَّلام ويردَّه (قَالَتْ: وَعَليهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ) ولَمَّا بلَّغ صلعم خديجة عن جبريلَ سلام الله تعالى عليها قالت: إنَّ الله هو السَّلام ومنه السَّلام، وعلى جبريل السَّلام. رواه الطَّبرانيُّ، وزاد النَّسائيُّ من حديث أنسٍ: وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته. ففيه استحباب الرَّدِّ على المبلِّغ، وفي النَّسائيِّ عن رجلٍ من بني تميم(1): أنَّه بلَّغ النَّبيَّ صلعم سلام أبيه فقال له: وعليك وعلى أبيكَ السَّلام. قال الحافظ ابنُ حجرٍ: لم أرَ في شيءٍ من طرق حديثِ عائشة أنَّها ردَّت على النَّبيِّ صلعم فدلَّ على أنَّه غير واجبٍ. وقال النَّوويُّ: في هذا الحديث مشروعيَّة إرسال السَّلام، ويجب على الرَّسول تبليغه لأنَّه أمانةٌ، وعورضِ بأنَّه بالوديعةِ أشبَه، والتَّحقيق أنَّ الرَّسول إن التزمَه أشبه الأمانة وإلَّا فوديعةٌ، والوديع(2) إذا لم يقبل لم يلزمه شيءٌ. قال: وفيه أنَّ مَن أتاه شخصٌ بسلام شخصٍ، أو في ورقةٍ، وجب الرَّدُّ على الفور.
          والحديثُ سبق قريبًا [خ¦6249].


[1] عند أحمد (23104) والنسائي في الكبرى (10133) «من بني نمير».
[2] في (ع) و(د): «الودائع»، كذا في «الفتح».