التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: كان ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير

          3547- قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بنُ عبدِ الله بن بُكَيْر، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابنُ سعدٍ، الإمامُ المجتهدُ، وقوله: (عَنْ خَالِدٍ): هو ابنُ يزيدَ، أبو عبد الرَّحِيم المِصْريُّ الفقيهُ، عن عطاءٍ والزُّهْرِيِّ، وعنه: الليثُ ومفضَّلُ بن فَضالة، ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة ░139هـ▒، أخرج له الجماعة، ومَن يقال له: (خالد بن يزيدَ) جماعةٌ في بعضِ الكُتُب السِّتَّة و«الميزانِ». /
          قوله: (كَانَ رَبْـَعَةً): هو بفتح الراء، وإسكان المُوَحَّدة وفتحها، هو الرَّجلُ بين الرَّجُلين.
          قوله: (أَزْهَرَ اللَّوْنِ): أي: مُشْرِقَه.
          قوله: (لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ ميم ساكنة، ثُمَّ هاء مفتوحة، ثُمَّ قاف، قال ابن قرقول في تفسير (الأَمْهَق): (الأبيض الذي لا يشُوب بياضَه حمرةٌ ولا صفرةٌ ولا سُمرةٌ(1) ولا إشراق؛ كبياض المريض، وقال الخليل: المهق: بياضٌ(2) في زُرقة، وقد وقع في بعض روايات المروزيِّ: «أزهر اللَّون أمهق»، وهو وَهَمٌ؛ لأنَّ الأزهرَ غيرُ الأَمْهَق، ورأيت في نسخة لابن السَّكَن: «أمعن»؛ بالعين المُهْمَلَة، ولم أروِه، لكنِّي رأيته، [و]في بعض الروايات: «ليس بالأبيض ولا بالآدم»، وهو غلطٌ، وصوابه: «ليس بالأبيض الأَمْهَق»؛ كما عند الجُرْجانيِّ).
          قوله: (وَلَا آدَمَ): (الآدم): الأسمر، وقد قَدَّمْتُ الكلام على لونه ╕ قريبًا [خ¦3544].
          قوله: (لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه الذي شعره كشعور السودان، وأنَّ (قَطَـِطًا) بفتح الطاء وكسرها [خ¦3440]، وكذا تَقَدَّمَ (وَلَا سَبْطٍ)، وأنَّه المسترسل الشعر، وأنَّ باءَه بالكسر وتُسَكَّن [خ¦3239].
          قوله: (أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ): (أُنزِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ ما في ذلك، وجملة ما فيه خمسةُ أقوال؛ هذا أصَّحُها، وصوَّبه النَّوويُّ في «شرح مسلم».
          تنبيهٌ(3): ما يُذكَر عن المسيح ابن مريم أنَّه رُفِع إلى السماء وله ثلاثٌ وثلاثون سنةً؛ فقال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة في «الهدْي»: (فهذا لا يُعرَف به أثرٌ متَّصلٌ يجب المصير إليه)، وقد قَدَّمْتُ ذلك مُطَوَّلًا في يحيى بن زكريَّا؛ لقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}(4) [مريم:12] [خ¦60/43-5262]؛ فانظرها.
          قوله: (فَمَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك، وهذا قولٌ من ثلاثة أقوالٍ في مَبْلَغ سِنِّه، وذكرت ما في «تاريخ ابن عساكر»، وما في كتاب عُمرَ بنِ شبَّة، وذكرت قريبًا كلام السُّهَيليِّ في جمعه، وذكرت جمعًا لغيره، وقدَّمت أنَّ قول مَن قال: (خمسًا وستِّين) وكذا (ستِّين) وهَّنوهما بمرَّةٍ، في الورقة التي قبل هذه(5) [خ¦3536].
          قوله: (وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ): هذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا، وقد حُكِيَ فيه الاتِّفاق.
          قوله: (وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ): وذكر شيخنا في (اللباس) في (الخِضَاب): (أنَّه ╕ كان شيبُه(6) تسعَ عشرةَ شعرةً بيضاء، وقال آخرون: عشرون)، ثُمَّ قال: (قلت: وذكر العلَّامة أبو القاسم في كتاب «الشيب» عن أنس: «خمسَ عشرةَ»، وعند ابن سعد: «سبعَ عشرةَ، أو ثماني عشرةَ»، وفي حديث الهيثم بن دَهْر: «ثلاثون شعرةً عَدَدًا»، وفي حديث جابر ابن سَمُرة: «ما كان في رأسه ولحيته من الشيب إلَّا شَعَرات في مفرق رأسه، إذا ادَّهنَ؛ وَارَاهُنَّ الدُّهن»)، انتهى، وفي «مسند عَبْد بن حُمَيدٍ» في (مسند أنس) من رواية ثابت عنه قال: (ما عددتُ في رأس رسول اللهِ صلعم ولحيته إلَّا أربعَ عشرةَ(7) شعرةً بيضاء)، وفي «الرصف» لشيخنا غياث الدين ابن العاقوليِّ ثُمَّ البغداديِّ ما لفظه: (روى ابن سعد عن زُهَيرٍ عن حُمَيدٍ الطويلِ قال: قيل لأنس بن مالك: أكان رسولُ اللهِ صلعم يَخضِبُ؟ قال: كان شَمَطُه أقلَّ من ذلك، لم يبلغ ما في لحيته مِنَ الشيب عشرينَ شَعرةً، قال زهيرٌ: وأصغى حُميدٌ إلى رجلٍ عن يمينه، فقال: سبعَ عشرةَ، ووضع يده على عنفقته، وأخرجه من طريق آخر عن أنس، وقال فيه: ما كان في رأسه ولحيته إلَّا سبعَ عشرةَ، أو ثماني عشرةَ) انتهى، وفي «ابن ماجه»(8) في (اللباس) من حديث أَنَس: (أنَّه لم يَرَ من الشَّيْبِ إلَّا سَبْعَةَ عَشَرَ أو عِشْرِينَ شَعَرَةً في مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ)؛ يعني: النَّبيَّ صلعم.
          والجمع بين هذه الروايات: أنَّ العدد وقع مَرَّاتٍ في أوقاتٍ، والله أعلم، وأكثرُها _وهو (ثلاثون شَعرة)_ آخرها عددًا.
          وحاصل الروايات التي وقفت عليها في عدد شيباته: (دون عشرين)، (عشرون)، (خمسَ عشرةَ)، (سبعَ عشرةَ أو ثماني عشرةَ)، (ثلاثون شعرةً)، (شَعراتٌ)، (أربعَ عشرةَ).
          قوله: (قَالَ رَبِيعَةُ): هذا هو ابنُ أبي عبدِ الرَّحْمَن، [ربيعة] الرأي، المذكورُ في سند هذا الحديث، فقيهُ المدينةِ، وصاحبُ الرأيِ، مشهورٌ(9).
          قوله: (فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ، فَسَأَلْتُ، فَقِيلَ: احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ): سيجيء الكلام(10) في أنَّه هل خضب رسولُ اللهِ صلعم أم لا، قريبًا [خ¦3550].


[1] في (ب): (حمرة)، وهو تكرار.
[2] في (ب): (بياضه).
[3] (تنبيه): سقط من (ب).
[4] ({الْحُكْمَ صَبِيًّا}): ليس في (ب).
[5] زيد في (ب): (بورقة).
[6] في (ب): (شيبته).
[7] في (أ): (أربعة عشر)، وفي (ب): (أربع عشر)، والمثبت من مصدره هو الصَّواب.
[8] زيد في (ب): (ما).
[9] (مشهور) ليس في (ب).
[10] زيد في (ب): (عليه).