شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول النبي: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت»

          ░3▒ بَابُ: قَوْلِ النَّبيِّ صلعم: (لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الهَدْيَ، وَلَحَلَلْتُ مَعَ النَّاسِ حِينَ(1) حَلُّوا).
          وذكرَه مِن حديث جابرٍ أيضًا.
          قولُه: (لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ) أي لو علمت أنَّ أصحابي يأتون مِن العُمْرَةِ في أشهر الحجِّ ما أحرمت بالحجِّ مُفردًا، ولأحرمت بالعُمْرَةِ فلو أحرمت بالعُمْرَةِ(2) لم يكرهها أَحَدٌ منهم، وللانت نفوسُهم لفعلي لها واختياري في نفسي، فكرهوها حين أمرَهم بها، لكونهم على خلاف فعل نبيِّهم، مع أنَّهم كانوا في الجاهليَّة يكرهون العُمْرَةَ في أشهر الحجِّ فتمنَّى صلعم موافقة أصحابه وكرِه ما ظهر منهم مِن الإشفاق لمخالفتِهم له، ففي هذا مِن الفِقْهِ أنَّ الإمام والعالم ينبغي له أن يسلك سبيل الجمهور وألَّا يُخالف النَّاس في سيرتِه وطريقتِه.


[1] في (ت) و(ص): ((حتَّى)).
[2] في (ز) و (ت): ((أحرمت بها)) والمثبت من (ص).