شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الإطعام في الفدية نصف صاع

          ░7▒ باب: الإطْعَامُ في الْفِدْيَةِ نِصْفُ صَاعٍ.
          فيه: كَعْبٌ: (نَزَلَت الفِدْيَةُ فيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً، حُمِلْتُ إلى النَّبي صلعم وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ على وَجْهِي، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى، تَجِدُ شَاةً؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: فَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ). [خ¦1816]
          قال مالك وأبو حنيفة والشَّافعيُّ: الإطعام في الفدية / مدَّان بِمُدِّ النَّبيِّ صلعم على ما جاء في حديث كعب. وروي عن الثَّوريِّ وأبي حنيفة أنَّهما قالا عن الفدية: بالبرِّ نصف صاع، ومن التَّمر أو الشَّعير أو الزَّبيب صاع لكلِّ مسكين. وهذا خلاف نصِّ الحديث فلا معنى له؛ لأنَّه قال ◙: ((لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ)) فعمَّ بذلك جميع أنواع الطَّعام، ولم يستثن بعض ما يطعم المساكين أنَّه بخلاف هذا فيلزم إخراج صاع منه، وقاس أبو حنيفة كفَّارة الأيمان على كفَّارة فدية الأذى، فأوجب في كفَّارة الأيمان وسائر الكفَّارات مدَّين مدَّين لكلِّ إنسان، وسيأتي بيان قولهم في كتاب النُّذور والكفَّارات إن شاء الله.