عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب اغتباط صاحب القرآن
  
              

          ░20▒ (ص) بَابُ اغْتِبَاطِ صَاحِبِ الْقُرْآنِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان اغتباط صاحب القرآن.
          و(الاغْتِبَاطُ) مِنَ الغِبطة، وهو حسدٌ خاصٌّ، يقال: اغتبطتُ الرجل أغبطه غبطًا؛ إذا اشتهيتَ أن يكون لك مثلُ ما لَه، وأن يدوم عليه ما هو فيه، [وحسدتُه أحسدُه حسدًا؛ إذا اشتهيتَ أن يكون لك مثلُه، وأن يزولَ عنه ما هو فيه]، واعتُرِض على هذه الترجمة بأنَّ صاحب القرآن لا يغتبط نفسَه، بل يغبِطُه غيرُه، وأجاب عنه بعضهم بأنَّ الحديث لمَّا كان دالًّا على أنَّ غيرَ صاحب القرآن يغتبط صاحبَ القرآن بما أُعْطيَهُ مِنَ العمل بالقرآن؛ فاغتباط صاحب القرآن بعمل نفسه أولى.
          قُلْت: هذا ليس بذاك، وكيف يوجَّه هذا الكلام وقد علم أنَّ الغبطة اشتهاء مثل ما أعطى فلان مثلًا، وكيف يتصوَّر اغتباط مَن أُعطِى مثل ما أُعطَي غيره، والأحسن فيه أن يقدَّر في الترجمة محذوفٌ تقديره: باب اغتباط الرجلِ صاحبَ القرآن، ولا يحتاج إلى تعسُّفاتٍ بعيدةٍ.