عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: نزل القرآن بلسان قريش والعرب
  
              

          ░2▒ (ص) بَابٌ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ / وَالْعَرَبِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان أنَّ القرآن نزل بلسان قريشٍ؛ أي: معظمه وأكثره؛ لأنَّ في القرآن همزًا كثيرًا وقريشٌ لا تهمز، وفيه كلماتٌ على خلاف لغة قريشٍ، وقد قال الله تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} ولم يقل: قرشيًّا، ويحتمل أن يكون قوله: (بِلِسَانِ قُرَيْشٍ) أي: ابتداء نزوله ثُمَّ أُبِيحَ أن يُقرَأ بلغة غيرهم.
          قوله: (وَالْعَرَبِ) أي: ولسان العرب، وهو مِن قبيل عطف العامِّ على الخاصِّ؛ لأنَّ قريشًا مِنَ العرب، لكنَّ فائدةَ ذكر قريشٍ بعد دخوله في العرب لزيادة شرف قريشٍ على غيرهم مِنَ العرب، وذلك كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}[الحجر:78] وقال الحكيم التِّرْمِذيُّ في كتابه «علم الأولياء» إنَّ سيَّدنا رسول الله صلعم قال: «إنَّ الله تعالى لم يُنزِل وحيًا قطُّ إلَّا بالعربيَّة، وترجم جبريلُ ◙ لكلِّ رسولٍ بلسان قومه، والرسول صاحب الوحي يُتَرْجِم بلسان أولئك، فأَمَّا الوحي فباللِّسان العربيِّ».
          (ص) {قُرْآنًا عَرَبِيًّا}[طه:113] بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ.
          (ش) ذكر هذا في معرض الاستدلال بأنَّ القرآن على لسان العرب، ولهذا وقع في رواية أبي ذرٍّ: <لقول الله تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ>.