عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

كيف نزول الوحي وأول ما نزل
  
              

          ░1▒ (ص) بَابُ كَيْفَ نُزُولُ الْوَحْيِ؟ وَأَوَّلِ مَا نَزَلَ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان كيفيَّة نزول الوحي، وبيان أَوَّل ما نزل مِنَ الوحي.
          قوله: (كَيْفَ نُزُولِ الْوَحْيِ؟) كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذرٍّ: <كيف نَزَل الوحي؟> بلفظ الماضي، وقال بعضهم: «كيف نزول الوحي؟» بصيغة الجمع.
          قُلْت: كأنَّه ظنَّ مِن عدم وقوفه على العلوم العربيَّة أنَّ لفظ (النزول) جمعٌ، وهو غلطٌ فاحشٌ، وإِنَّما هو مصدرٌ مِن نَزَل ينزِلُ نُزُولًا، وقد تَقَدَّمَ في أَوَّل الكتاب كيفيَّة نزوله وبيان أَوَّل ما نزل.
          (ص) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍٍ: الْمُهَيْمِنُ: الأَمِينُ، الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ.
          (ش) أي: قال ابن عَبَّاسٍ في قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}[المائدة:48] وفسَّر (الْمُهَيْمِنُ) بالأمين، ومِن أسماء الله تعالى: المهيمن، قيل: أصله مُؤَيمن فقُلبت الهمزة هاءً، كما قُلِبَت في (أَرَقْتُ هَرُقْتُ)، ومعناه: الأمين الصادق وعده، وذُكِر له معانٍ أُخَر.
          قوله: (الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ) يعني: مِنَ الكُتُب والصُحُف المنزَّلة على الأنبياء والرُّسل ‰ ، وأثر ابن عَبَّاسٍٍ هذا رواه عبد بن حُمَيدٍ في «تفسيره» عن سليمان بن داود، عن شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت التَّمِيمِيَّ عن ابن عَبَّاسٍٍ.