الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: قد أحصر رسول الله فحلق رأسه وجامع نساءه

          1809- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) أي: الذهلي كما قال الحاكم، أو محمَّد بن مسلم بن وَارَة كما قاله أبو مسعودٍ الدمشقي، أو محمد بن إدريس الرَّازي كما قال السَّرخسي أنَّه وجدهُ في أصلٍ عتيق، قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ) أي: الحمصي، قال: (حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ) بتشديد اللام، قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ) بالمثلثة (عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ) أي: عكرمة.
          (فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) بلا فاء للأكثر، وثبتتْ لأبي الوقت فهي عاطفةٌ على محذوف ثبتَ في كتاب ((الصحابة)) لابن السَّكن، ولفظه: عن عكرمةَ قال: قال عبد الله بن رافعٍ مولى أم سلمة: سألتُ الحجَّاج بن عمرو الأنصاري عمن حبس وهو محرمٌ فقال: قال رسولُ الله: ((من عَرَجَ أو كُسِرَ أو حُبِسَ فليَجْزي مثلها، وهو في حلٍّ)) قال: فحدَّثتُ به أبا هريرة فقال: صدق، وحدَّثت ابن عبَّاسٍ فقال:
          (قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم فَحَلَقَ رَأْسَهُ): وسقط: <رأسه> من بعض الأصولِ، لكنَّه مراد (وَجَامَعَ نِسَاءَهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ) العطف بالواو لا يقتضي ترتيباً ولا مصاحبةً، فلا ينافي أنَّه عليه السلام نحرَ هديه ثمَّ حلق فتحلل ثمَّ جامعَ (حَتَّى اعْتَمَرَ) ولأبي ذرٍّ عن المستملي: <ثم اعتمر> (عَاماً قَابِلاً) بنصب عاماً على الظرفية لـ((اعتمر)) و((قابلاً)) نعته، فعرف بهذا السِّياق القدرَ الذي حذفه البخاريُّ، والسَّبب في حذفهِ أنَّ الزائد ليس على شرطه.
          واستدلَّ بالحديثِ على أنَّ من تحلَّلَ بالإحصارِ وجب عليه قضاءُ ما تحلَّلَ منه وهو ظاهرُ الحديثِ، وبه قال الحنفيَّةُ، وقال الجمهورُ: لا يجبُ، وعن أحمد روايتان.