الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الإحصار في الحج

          ░2▒ (باب الإِحْصَارِ فِي الْحَجِّ) أي: بيان حكم المحصرِ الواقعِ في الحج.
          قال ابن المُنِير في ((الحاشية)): أشار البخاريُّ إلى أنَّ الإحصارَ في عهد النَّبي صلعم إنما وقع في العمرةِ فقاس العلماءُ الحجَّ على ذلك، وهو من الإلحاقِ بنفي الفارقِ وهو من أقوى الأقيسةِ، انتهى.
          قال في ((الفتح)): وهو مبنيٌّ على أنَّ مرادَ ابن عمر بقوله _أي: في حديثِ / الباب_: أنَّ حكم سنة نبيِّكم قياسُ الحاج على المعتمر، ويحتملُ أنَّه أراد شيئاً سمعهُ من النَّبي في حقِّ الحاجِّ، انتهى.
          ويوافقهُ قول العيني لما ذكر في الباب السَّابق الإحصار في العمرةِ بين عقبه الإحصارَ في الحج، وذكر في كلٍّ منهما حديثاً فلا حاجةَ إلى القياس؛ أي: عن الاشتراطِ، قاله ابن عُمر ردًّا على من يشترطُ الإحلالَ في نُسُكه كما يأتي في آخر البابِ مبسوطاً، ولا فرقَ في الإحصارِ بين أن يكون بمكَّة أو غيرها.
          وقال ابن بطَّال: اختلف العلماءُ في من أحصر بمكَّةَ فقال الشَّافعي وأبو ثور: حكمُ الغريبِ والمكي سواءٌ يطوفُ ويسعى ولا يحلُّ، ولا عمرة عليه لظاهر حديثِ ابن عمر، وأوجبها على المحصر المكي، وعلى من أنشأَ الحجَّ من مكَّة فلا بدَّ له من الخروجِ إلى الحلِّ؛ لاستئناف عمرة التَّحلُّل بخلاف المحصر غير المكِّيِّ لا يحتاجُ إلى الخروجِ لأدنى الحلِّ.
          وقال أبو حنيفة: لا يكون محصراً من بلغَ مكَّةَ فيتحلَّلُ بعمرةٍ، ولا هديَ عليه عنده.