الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من قال: ليس على المحصر بدل

          ░4▒ (باب مَنْ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمُحْصَرِ بَدَلٌ) بفتحتين؛ أي: عوضٌ بالقضاء لما أحصر عنه من حجٍّ أو عمرة، وهذا مذهبُ الجمهور كما تقدم، وهو مذهبُ المصنِّف أيضاً كما هو ظاهرُ التَّرجمة، ويدلُّ عليه أثرُ ابن عبَّاس على ما تقرَّر غير مرَّةٍ أنَّ مذهبَ البخاريِّ يعلمُ من تراجمه ومن الآثارِ فيها.
          ░1812م▒ (وَقَالَ رَوْحٌ) بفتح الراء وسكون الواو آخره حاء مهملة؛ أي: ابن عُبَادة _بضم العين وتخفيف الموحدة_ مما وصلهُ إسحاق بن راهويه في ((تفسيره)) بهذا الإسناد عن ابن عبَّاس فهو معلَّقٌ موقوفٌ (عَنْ شِبْلٍ) بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة فلام؛ أي: ابن عَبَّاد _بفتح العين المهملة وتشديد الموحدة فألف فدال مهملة_ المكي، تلميذُ ابن كثير في القراءةِ، وكان قدريًّا من صغارِ التَّابعين، وثَّقهُ أحمد وابن معين وغيرهما، له في البخاري حديثان.
          (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ) بفتح النون وكسر الجيم مخففة فمثناة تحتية فحاء مهملة، واسمه: عبد الله، واسم والده أبي نجيح: يسار، كما في ((التقريب)) (عَنْ مُجَاهِدٍ) أي: ابن جبر (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻.
          (إِنَّمَا الْبَدَلُ) أي: القضاءُ (عَلَى مَنْ نَقَضَ) بالضاد المعجمة بعد القاف المفتوحة لغير أبي ذرٍّ، وله بالصاد المهملة (حَجَّهُ) أي: أو عمرتهُ (بِالتَّلَذُّذِ) بذالين معجمتين أولاهما مشددة، والمرادُ به الجماع فقط، ومثله الإنزال بمباشرةٍ ناقضةٍ للوضوء، فهذا التَّلذُّذ الذي يوجبُ القضاء، وأمَّا لو تلذَّذنا بالمشاهدةِ أو بأكلٍ لذيذٍ فلا قضاءَ لعدم إفساده (فَأَمَّا مَنْ حَبَسَهُ) بفتح الموحدة (عُذْرٌ) بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة.
          قال الكرماني: وهو الوصفُ الطَّارئ على المكلَّف المناسبِ للتَّسهيلِ عليه قال: ولعلَّ المراد به هنا نوعٌ منه كالمرض ليصحَّ عطف أو غير ذلك عليه؛ أي: نحو نفاد نفقةٍ، ولأبي ذرٍّ: <عدو> بفتح أوله وضم الدال المهملة وتشديد الواو، فالعطفُ ظاهرٌ.
          وجملة: (فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَلاَ يَرْجِعُ) جواب ((أما)) أي: ولا يقضِي ذلك النُّسُك، وهذا في النفل، أمَّا الفرضُ فإنَّه باقٍ في ذمَّته فيلزمه أن يرجعَ في سنةٍ أخرى إن استطاعَ، والفرقُ بين هذا النَّفلِ وبين حجِّ النَّفل الذي أفسدهُ بالجماعِ، فإنه يجبُ قضاؤهُ دون هذا التَّقصيرِ وعدمه، وعند الحنفيَّة يجبُ قضاء الفرضِ والنَّفلِ مطلقاً (وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ).
          وجملة: (وَهُوَ مُحْصَرٌ) حالية (نَحَرَهُ) الضمير منصوباً؛ أي: ذبحهُ حيث أحصرَ من حلٍّ أو حرم (إِنْ كَانَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْعَثَ) أي: به، وثبتت لأبوي ذرٍّ والوقت ويجوزُ تقديره؛ أي: يبعثهُ؛ أي: الهدي للحرم، وجواب ((إن)) الثانية محذوف (وَإِنِ اسْتَطَاعَ) أي: قدرَ (أنْ يَبْعَثَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ) بكسر الحاء المهملة (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) بكسر الحاء؛ أي: زمان حلول ذبحهِ، وهو يوم النَّحر.
          قال صاحب ((الفتح)) وغيره: هذه مسألةُ اختلافٍ بين الصَّحابة ومن بعدهم، فقال الجمهورُ: يذبحُ المحصرُ الهدي حيث يحلُّ سواء كان في الحلِّ أو في الحرم، ومنهم الشَّافعيَّة فقد ذكروا لا يلزمهُ أن يرسلَه إلى الحرم وإن تمكَّن منه وكان بطرفهِ، ومنازعةُ البلقينيِّ له بالنصِّ ردَّها تلميذهُ أبو زرعة، نعم يسنُّ له بعثُهُ لما يقدر عليه من الحرمِ أو مكة، ولا يحلُّ حينئذٍ حتى يغلب على ظنِّه ذبحهِ بإخبار من وقعَ بقلبهِ صدقه، لا بمجرَّدِ طولِ الزمن؛ لأنَّه صلعم ذبحَ هو وأصحابهُ بالحديبية وهي من الحلِّ، ويفرِّقه على مساكينِ ذلك المحلِّ.
          وقال أبو حنيفةَ وآخرون: لا يذبحهُ إلا في الحرم.
          قال ابن بطَّال: واحتجوا بقوله تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة:95] فالهديُ ما بلغَ الكعبة كالصِّيامِ الذي جعلهُ الله متتابعاً في كفَّارةِ الظهار وغيرها لا يكفي غيره، ثمَّ قال: ولا يجوزُ في قول أحدٍ من العلماء لمن قدرَ على دخول شيءٍ من الحرم أن ينحرَ هديهُ دون الحرم، والنَّبي صلعم إنما نحر هديهُ في الحرم، والدَّليلُ عليه ما رواهُ إسرائيل عن جندبٍ الأسلمي قال: أتيتُ النَّبي عليه السلام حين صدَّ عن البيت فقلت: ابعثْ معي بالهديِ فلأنحرهُ في الحرم قال: ((وكيفَ تأخُذُ به)) قلت: آخُذُ به في أوديةٍ لا يقدرون عليَّ فيها، فبعثَهُ معي حتى نحرتُهُ، انتهى ملخصاً.
          وانظر قوله: ولا يجوزُ في قول أحدٍ من العلماء... إلخ مع ما تقدَّم عن الشَّافعية آنفاً من أنَّهُ لا يلزمهُ أن يرسله إلى الحرم وإن / تمكَّن من ذلك إلا أن يُقال: كلامه مفروضٌ فيمن قدرَ بنفسهِ أن يدخلَ الحرم، ثمَّ قال في ((الفتح)): وفصَّلَ آخرون كما قال ابن عبَّاس هنا وهو المعتمدُ، انتهى.
          وأقول: ما قال أنَّه المعتمدُ مخالفٌ للمعتمدِ عند الشَّافعية الذي ذكرناهُ قريباً، فاعرفه.
          وقال العينيُّ كالحافظ ابن حَجر: وسببُ اختلافِهِم في ذلك هل نحرَ النَّبي الهديَ بالحديبية في الحل أو في الحرم، وكان عطاءٌ يقول: لم ينحرْ يوم الحديبية إلا في الحرمِ، ووافقهُ ابن إسحاق، وقال غيرهُ من أهلِ المغازي: إنما نحرَ في الحلِّ، وأبو حنيفةَ أخذ بقول عطاءٍ، انتهى.
          وزاد في ((الفتح)): وروى يعقوبُ بن سفيان من طريق مجمع بن يعقوب عن أبيه قال: لما حَبَس رسولُ الله صلعم وأصحابه نحروا بالحديبية وحلقُوا، وبعثَ الله ريحاً فحملَتْ شُعورهم فألقتْهَا في الحرم قال: ولا يخفَى ما فيه، فإنَّه لا يلزمُ من كونهم ما حلقوا في الحرم لمنعهم من دخولِهِ أن لا يكونوا أرسلوا الهديَ مع من نحرهُ في الحرمِ، ففي حديثِ ناجية بن جندبٍ الأسلمي قلت: يا رسولَ الله ابعثْ معي بالهديِ حتى أنحرهُ في الحرم ففعل.
          أخرجهُ النسائي عنه، وأخرجهُ الطَّحاوي من وجهٍ آخر عن ناجيةَ عن أبيه، لكن لا يلزمُ من وقوع هذا وجوبهُ، بل ظاهرُ القصَّةِ أنَّ أكثرهم نحرَ في مكانه وكانوا في الحلِّ، وذلك دالٌّ على الجوازِ، انتهى فتأمَّله.
          (وَقَالَ مَالِكٌ) هو الإمامُ المشهور (وَغَيْرُهُ) كالشَّافعي (يَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحْلِقُ) أي: رأسهُ (فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ) ولابن عساكر: <في أي المواضع كان> أي: الحصرِ لا الحلق، وهو مذهبُ الشَّافعي أيضاً فلا يلزمهُ إذا أحصرَ في الحلِّ أن يبعث به إلى الحرمِ، قاله شيخُ الإسلام.
          وفيه: أنَّ الظَّاهرَ عودُ الضمير لما تقدَّمَ من النحر والحلقِ بتأويله بالمذكور، فتأمَّله.
          تنبيه: هذا التَّعليق مذكورٌ كما في ((الفتح)) وغيره في ((الموطأ)) ولفظه: أنَّه بلغَه أنَّ رسولَ الله صلعم حلَّ هو وأصحابه بالحديبية فنحروا الهديَ، وحلقوا رؤوسَهم وحلُّوا من كلِّ شيءٍ قبل أن يطوفوا بالبيتِ وقبل أن يصلَ إليه الهديُ، ثمَّ لم نعلم أنَّ رسول الله صلعم أمرَ أحداً من أصحابهِ، ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئاً، ولا أن يعودوا لشيءٍ.
          قال في ((الفتح)): وسُئِل مالكٌ عن من أحصر بعدوٍّ فقال: يحلُّ من كلِّ شيءٍ وينحرَ هديه ويحلق رأسه حيث حبسَ، وليس عليه قضاءٌ.
          وأما قولُ البخاري وغيره فالذي يظهرُ لي أنه عنى به الشَّافعيَّ؛ لأنَّ قوله آخره: والحديبية خارج الحرمِ، هو كلام الشَّافعي في ((الأم))، وعنه أن بعضها في الحلِّ، وبعضها في الحرم، لكن إنما نحر رسولُ الله صلعم في الحل استدلالاً بقوله تعالى: {وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح:25] قال: ومحلُّ الهدي عند أهل العلم الحرم، وقد أخبرَ الله تعالى أنهم صدُّوهم عن ذلك قال: فحيث ما أحصر ذبحَ وحلَّ ولا قضاءَ عليه من قبل أنَّ الله تعالى لم يذكر قضاء، والذي أعقلهُ في أخبار أهل المغازي شبيهٌ بما ذكرت لأنا علمنا من متواطِئ أحاديثهم أنَّه كان معه عام الحديبية رجالٌ معروفون، ثمَّ اعتمر عمرةَ القضيَّةِ فتخلف بعضهم بالمدينة من غير ضرورةٍ، ولو لزمهم القضاء لأمرَهُم أن لا يتخلَّفوا عنه، انتهى.
          وقوله: (وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ... إلخ) من قول مالكٍ، ثمَّ علَّلَ القضاءَ بقوله: (لأَنَّ النَّبِيَّ صلعم وَأَصْحَابَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ نَحَرُوا وَحَلَقُوا وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) أي: من محرماتِ الإحرام (قَبْلَ الطَّوَافِ) أرادَ به ما يشملُ السَّعي (وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْهَدْيُ إِلَى الْبَيْتِ) أي: لأنَّهم لم يتمكَّنوا من ذلك (ثُمَّ لَمْ يُذْكَرْ) بالبناء للمفعول (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم أَمَرَ أَحَداً) أي: من أصحابهِ الذين كانوا معه في عُمرة الحديبيةِ (أَنْ يَقْضُوا) بفتح التحتية أوله (شَيْئاً، وَلاَ يَعُودُوا لَهُ) ((لا)) زائدة كما في قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَسْجُدَ} ويبعد جعل ((لا)) غير زائدة، وإن صحَّ المعنى لعدم مناسبتهِ للغرضِ، فتأمَّل.
          فإن قيل: روى الواقديُّ في ((المغازي)) من طريق الزهريِّ وغيره: أنَّ رسول الله أمرَ أصحابه أن يعتمروا، فلم يتخلَّفْ منهم إلا من قُتِل بخيبر أو مات، وخرجَ معه جماعةٌ معتمرين ممن لم يشهدْ الحديبيةَ وكانت عدتهم ألفين، انتهى فهذا يُنافي ما هنا.
          وأجاب في ((الفتح)): بأنه يمكنُ الجمع بينه إن صحَّ وبين ما هنا بأنَّ الأمر كان على طريقِ الاستحبابِ؛ لأنَّ الشَّافعي جازمٌ بأن جماعةً تخلَّفوا بغير عذر.
          وروى الواقديُّ أيضاً من حديثِ ابن عمر أنَّه قال: لم تكُنْ هذه العمرةُ قضاءً، ولكن كان شرطاً على قريشٍ أن يعتمرَ المسلمون من قابلٍ في الشَّهر الذي صدَّهم المشركونَ فيه، انتهى.
          قال البرماويُّ تبعاً للكرمانيِّ: لا يقال ظاهرهُ يقتضِي وجود طوافٍ ووصول هديٍ للحرمِ، والغرض أنهم نحروا بالحديبية ولا طوافَ ولا وصول لأنَّا نقول: لا يلزمُ ذلك؛ / لأنَّه يصدقُ بأن لا طوافَ ولا وصولَ، ويصدق بوجودهما متأخِّرين، والواقعُ هو الأول.
          (وَالْحُدَيْبِيَةُ خَارِجٌ مِنَ الْحَرَمِ) ((الحديبيَة)) بتخفيف التحتية الأخيرة عند المحقِّقين ومنهم الشَّافعي، وبتشديدها عند غيرهم، وهي على نحوِ مرحلةٍ من مكَّةَ من جهةِ المدينة، وهذه الجملةُ كما قال الكرمانيُّ وغيره يحتملُ أنَّها من تتمَّةِ كلام مالكٍ، وأنَّها من كلام البخاريِّ رادًّا بها على من قال: لا يجوزُ النَّحر حيث أحصرَ، بل يجبُ البعثُ إلى الحرم، فلمَّا ألزم بنحر النَّبي بالحديبية أجابَ بأنَّها من الحرم فردَّ عليه بأنَّها خارجةٌ عنه، انتهى.
          واعترضَهُ العيني: بأنَّ هذه الجملة لا تدلُّ على غرضهِ سواءٌ كانت من كلام مالكٍ أو البخاريِّ؛ لأنَّ كونها خارج الحرم ليس مجمعاً عليه، فقد روى الطَّحاوي عن المسور بن مخرمة: أنَّ رسول الله صلعم كان بالحديبيةِ خباؤه في الحلِّ، ومصلَّاهُ في الحرم، ولا يجوز في قول أحدٍ من العلماءِ ممن قدر على شيءٍ من الحرمِ أن ينحرَ هديهُ دون الحرم.
          وروى البيهقيُّ عن مروان والمسور بن مخرمة قالا: خرج رسول الله زمنَ الحديبية في بضع عشرةَ مائة من أصحابهِ الحديث بطوله.
          وفيه: وكان مضطربه في الحلِّ، وكان يُصلِّي في الحرم.
          والمضطربُ البناء الذي يضربُ ويقام على أوتادٍ مضروبةٍ في الأرض، انتهى.
          تنبيه: يشبهُ ما هنا ما في ((المعرفة)) للبيهقي عن الشَّافعيِّ أنَّه قال في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الآية [البقرة:196] لم أسمعْ ممن حفظتُ عنه من أهل العلم بالتَّفسير مخالفاً في أنَّ الآية نزلت بالحديبية حين أحصرَ النَّبي صلعم فحالَ المشركون بينه وبين البيت، وأنَّ النَّبيَّ صلعم نحرَ بالحديبية وحلقَ ورجع حلالاً ولم يصل إلى البيتِ ولا أصحابهُ إلا عثمان بن عفَّان وحدَه، ثمَّ قال: ونحرَ رسول الله صلعم في الحلِّ، وقيل: نحرَ في الحرم، قال: وإنما ذهبنا إلى أنَّه نحرَ في الحلِّ وبعض الحديبيةِ في الحلِّ، وبعضها في الحرم؛ لأنَّ الله تعالى يقول: {وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح:25] والحرم كلُّه محلُّه عند أهلِ العلمِ فحيث ما أحصر ذبحَ شاةً وحلَّ، وقال فيمَن أحصر بعد ولا قضاء عليه، فإن كان لم يحجَّ حجة الإسلام فعليه حجَّةُ الإسلام من قبل قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196] ولم يذكر قضاءً إلى آخر ما نقله في ((فتح الباري)) المار آنفاً.
          وقال ابن بطَّال: ذكر عطاءٌ عن ابن عبَّاس في الذي يفوتهُ الحجُّ قال: يُحِلُّ بعمرةٍ وليس عليه حجٌّ قابلٌ، وعن طاوس مثله.
          وروى ابنُ الماجشون عن مالكٍ في المحصر بعدوٍّ يحلُّ بسنَّةِ الإحصار وتجزِئُه عن حجَّةِ الإسلام، قال: وإنما استحبَّ مالكٌ القضاء، وهو قولُ أبي مصعب صاحبِ مالك، وأفتى به لمحمَّد بن سُحنون.
          وقال ابنُ شعبان: تجزئهُ عن حجَّة الإسلام وإن صدَّ قبل أن يحرمَ، ورويَ عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابتٍ أنَّه يحلُّ بعمرةٍ وعليه حجٌّ قابلٌ والهدي، وهو قولُ عروة، وقال علقمة والنَّخعي: عليه حجَّةٌ وعمرةٌ وهو قول الكوفيين، وقال مجاهدٌ والشَّعبي: عليه حجٌّ قابل، انتهى، وذكر أدلَّةَ هؤلاء.