الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب قول الله تعالى: {أو صدقة}

          ░6▒ (باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ صَدَقَةٍ}) أي: الواقعةُ في آيةِ البقرة المتقدِّمة وهي؛ أي: الصَّدقة (إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ) يشيرُ بهذا كما في ((الفتح)) إلى أنَّ الصَّدقةَ في الآية مبهمةٌ فسَّرتها السُّنَّة، وهذا مذهبُ الجمهور منهم الأئمَّةُ الأربعةُ، وخالفَ في ذلك الحسنُ البصريُّ، فقد روى عنه سعيدُ بن منصورٍ بإسنادٍ صحيحٍ أنَّه قال: الصَّومُ عشرةُ أيَّامٍ، والصَّدقةُ على عشرةِ مساكينَ. وروى الطَّبريُّ عن عكرمةَ ونافعَ نحوه.
          قال ابن عبد البرِّ: لم يقلْ بذلك أحدٌ من فقهاءِ الأمصار.
          وقال ابن بطَّال: لم يختلفْ الفقهاءُ أن الإطعامَ لستَّةِ مساكينَ، وأنَّ الصَّيامَ ثلاثةُ أيام، وأنَّ النُّسكَ شاةٌ على ما في حديث كعبٍ إلَّا شيءٌ رويَ عن الحسنِ البصريِّ وعكرمة ونافع أنَّهم قالوا: الإطعامُ لعشرةِ مساكينَ، والصِّيامُ عشرةُ أيَّام، ولم يتابعهمْ أحدٌ من الفُقهاء على ذلك للسُّنَّة الثَّابتةِ بخلافهِ عن كعب بن عجرة في الفديةِ سنة معمولٌ بها عند جماعةِ العلماءِ، ولم يروها أحدٌ من الصَّحابةِ غير كعبٍ، ولا رواها عن كعبٍ إلا رجلانِ من أهل الكوفةِ عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الله بن معقل وهي سُنَّة أخذها أهلُ المدينةِ عن أهلِ الكوفةِ، انتهى.
          وزادَ العيني على الحسن: ومن معهُ سعيد بن جبير وعلقمة، وقال في الصدقةِ: إنَّها على عشرةِ مساكينَ لكلِّ مسكينٍ مكُّوكٌ من تمر، ومكُّوكٌ من برٍّ، انتهى.