الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب متى يحل المعتمر

          ░11▒ (باب مَتَى): أي: في أيِّ زمنٍ (يَحِلُّ): بفتح التحتية وكسر الحاء (الْمُعْتَمِرُ): أي: يصيرُ حلالاً من إحرامهِ لم يُبَتَّ الحكمُ؛ لأنَّ في حلِّ المعتمر من عمرتهِ بالطَّواف خلافاً.
          قال ابن بطَّال: لا أعلمُ خلافاً بين أئمَّةِ الفتوى أنَّ المعتمرَ لا يحلُّ حتى يطوفَ ويسعَى إلا ما شذَّ به ابنُ عبَّاسٍ من أنه يحلُّ من العمرة بالطَّواف بالبيت؛ لأنَّها عندَه الطَّوافُ فقط، ووافقه إسحاقُ بن راهويه.
          قال في ((الفتح)): ونقل عياضٌ عن بعضِ أهل العلم أنَّ بعضَ النَّاس ذهبَ إلى أنَّ المعتمرَ إذا دخل الحرمَ حَلَّ وإنْ لم يطُفْ ولم يسعَ، وله أنْ يفعلَ كلَّ ما حرُم على المحرمِ، ويكون الطَّوافُ والسَّعيُ في حقِّه كالرَّمي والمبيت في حقِّ الحاجِّ، وهذا من شذوذِ المذاهب وغرائبها.
          قال العينيُّ: هذا قولُ ابنِ عمر وابن المسيِّب وعروة والحسن، ثم قال في ((الفتح)): ونقلَ القطبُ الحلبي فقال: فيمن استلم الركنَ في ابتداءِ الطَّواف وأحلَّ حينئذٍ أنه لا يحصل له التَّحلُّل بالإجماعِ. انتهى فتأمَّلهُ مع ما تقدَّم آنفاً.
          (وَقَالَ عَطَاءٌ): أي: ابن أبي رباحٍ، وقد وصلَهُ المصنِّف فيما مرَّ في باب: تقضي الحائضُ المناسكَ كلَّها إلا الطَّواف بالبيت (عَنْ جَابِرٍ): أي: ابن عبدِ الله ☻ (أَمَرَ النَّبِيُّ صلعم أَصْحَابَهُ): أي: الذين كانوا معه في حجَّة الوداع (أَنْ يَجْعَلُوهَا): أي: الحجة (عُمْرَةً): بأنْ يفسخُوا الحجَّ ويحرمُوا بالعمرة (وَيَطُوفُوا): بضم الطاء، وفي بعضِ الأصول: بفتح الطاء مشددةً كالواو؛ أي: بالبيتِ وبين الصَّفا والمروة.
          (ثُمَّ يُقَصِّرُوا): بضمِّ أوله وتشديد الصاد المهملة؛ أي: من شعورِ رؤوسِهِم (وَيَحِلُّوا): أي: من عمرتهم لفراغِ أعمالها، والمطابقةُ ظاهرةٌ.