إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم

          6610- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثنا“ (مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ) الكسائيُّ، نزيل بغداد ثمَّ مكَّة قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك قالَ: (أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ) بالحاء المهملة والذال المعجمة (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ) عبد الرَّحمن بن مُـَـِلٍّ (النَّهْدِيِّ) بفتح النون وسكون الهاء (عَنْ أَبِي مُوسَى) عبدِ الله بن قيس الأشعريِّ ☺ ، أنَّه(1) (قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم فِي غَزَاةٍ) هي غزوةُ خيبر، كما سبق في «المغازي» [خ¦4205] (فَجَعَلْنَا لَا نَصْعَدُ شَرَفًا) بفتح الشين المعجمة والراء والفاء، موضعًا عاليًا (وَلَا نَعْلُو شَرَفًا، وَلَا نَهْبِطُ فِي وَادٍ إِلَّا رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ. قَالَ) أبو موسى: (فَدَنَا) أي: قَرُب (مِنَّا رَسُولُ اللهِ صلعم فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ) بهمزة وصل وفتح الموحدة وضم العين المهملة، ارفقوا بأنفسِكم واخفضُوا أصواتَكم (فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا) قال الكِرْمانيُّ _وتبعه العينيُّ_: ورُوِي(2) ”أصمًّا“، ولعلَّه باعتبارِ التَّناسب، وأطلق على التَّكبير دعاء؛ لأنَّه بمعنى النِّداء(3)؛ إذ الذَّاكر يريدُ إسماع من ذكرَه والشَّهادة له (إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا، ثُمَّ قَالَ) صلعم لأبي موسى: (يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ أَلَا) بالتَّخفيف (أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً) من باب إطلاقِ الكلمة على الكلامِ (هِيَ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ) أي: من ذخائرِ الجنَّة، وقال النَّوويُّ: أي: إنَّ قولها(4) يُحَصِّل ثوابًا نفيسًا يُدَّخر لصاحبهِ في الجنَّة (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) أي: لا تحوُّل(5) للعبدِ عن معصيةِ الله إلَّا بعصمةِ الله، ولا قوَّة له على طاعةِ الله إلَّا بتوفيق الله، فهي _كما قال النَّوويُّ(6)_ كلمةُ استسلامٍ وتفويضٍ يشيرُ إلى أنَّ العبدَ لا يملكُ لنفسهِ شيئًا، وأنَّه لا قدرةَ له على دفعِ ضررٍ، ولا قوَّة له على جلبِ خيرٍ إلَّا بقدرةِ(7) الله تعالى وإرادتهِ.
          والحديث أخرجه في آخر «كتاب الدَّعوات» [خ¦6384].


[1] «أنه»: ليست في (د).
[2] «وروي»: ليست في (س) و(ص).
[3] في (ص): «الدعاء».
[4] في (ع) و(د): «أن قائلها».
[5] في (ع) و(د): «تحويل».
[6] قوله: «أي: إن قولها... كما قال النَّوويُّ»: ليس في (ص).
[7] في (ص): «بقدر».