إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة

          5832- وبه قال: (حَدَّثَنَا آدَمُ) بنُ أبي إياس قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ) البنانيُّ الأعمى (قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ) ☺ (قَالَ شُعْبَةُ) بن الحجَّاج: (فَقُلْتُ) لعبد العزيز بن صهيبٍ مستفهمًا: (أَ) رواه أنس (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ؟ فَقَالَ) عبد العزيز حالَ كونه غضب غضبًا (شَدِيدًا) من سؤالِ شعبة: (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) يعني لا حاجة إلى هذا السُّؤال إذ القرينةُ أو السِّياق مُشعِرٌ بذلك، كذا قرَّره في «الكواكب». قال الحافظ ابنُ حجر: ووجهه غيرُ وجيهٍ، قال: ويحتملُ أن يكون تقريرًا لكونه مرفوعًا، أي: إنَّما حفظَه حفظًا شديدًا(1)، ويحتملُ أن يكون(2) إنكارًا، أي: جزمِي برفعهِ عن النَّبيِّ صلعم يقع شديدًا عليَّ. انتهى.
          ورأيت في حاشية الفرع: قال الحافظ أبو ذرٍّ ☼ : يعني إنَّ رفعه شديدٌ، وهو يؤيِّد الاحتمالَ الأخير(3) (فَقَالَ) / ولأبي ذرٍّ: ”قال“: (مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ) أي: من الرِّجال (فِي الدُّنْيَا فَلَنْ يَلْبَسَهُ فِي الآخِرَةِ) لما حصلَ له(4) من التَّنعُّم(5) في الدُّنيا، وقد قيل: إنَّه محمولٌ على الزَّجر واستُبعِد، وقيل: على المستحلِّ للُبْسه(6)، وقال القاضِي عياض: يحتملُ أن يرادَ به كفَّار ملوك الأممِ‼، أو الفعل يقتضِي ذلك، وقد يتخلَّف لمقتضٍ كالتَّوبة، والحسنات الَّتي توازن، والمصائب الَّتي تكفر، وشفاعة من يُؤذَن له في الشَّفاعة، أو يمنع منه بعد دخوله(7) الجنَّة، لكن يُنسيه الله ويشغله عنه أبدًا ويُرضيه بحيث لا يجد ألمًا بتركهِ ولا رؤية نقصٍ في نفسه إذ الجنَّة لا ألمَ فيها ولا حزن، ولذلك نظائر كثيرةٌ تؤول كذلك، وأعمُّ من ذلك كلِّه عفو أرحمِ الرَّاحمين.


[1] «أي: إنما حفظه حفظًا شديدًا»: ليست في (ص).
[2] قوله: «تقريرًا لكونه مرفوعًا أي إنَّما حفظَه حفظًا شديدًا، ويحتملُ أن يكون»: ليس في (م) و(د).
[3] في (د): «الآخر».
[4] في (م) و(ب) زيادة: «به».
[5] في (د): «التنعيم».
[6] في (د): «لبسه».
[7] في (د): «دخول».