إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده}

          ░1▒ (باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى) وسقط لأبي ذرٍّ لفظ «باب» وزاد قبل «قول الله» واوًا عطفًا على «اللِّباس» ({قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ}) من الثِّياب وكلِّ ما يتجمَّل به ({الَّتِيَ أَخْرَجَ}) أصلها ({لِعِبَادِهِ}[الأعراف:32]) من الأرض كالقطن، ومن الدُّود كالقزِّ، والاستفهام للتَّوبيخ والإنكار، وإذا كان للإنكار(1) فلا جواب له إذ لا يُراد به استعلام، ولذا نُسِب مكيٌّ إلى الوهمِ في زعمه أنَّ قوله: {قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ}[الأعراف:32] إلى آخره جوابُه. ولولا النَّصُّ الوارد في تحريم الذَّهب والإبريسم على الرِّجال لكان داخلًا تحت عمومها.
          (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم ) فيما وصله أبو داود الطَّيالسيُّ والحارثُ بن أبي أسامة في «مسنديهما» من طريق همَّام بن يحيى، عن قتادة، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه به(2). وهو من الأحاديث الَّتي لم توجد في البخاريِّ إلَّا معلَّقة: (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالبَسُوا) بهمزة وصلٍ وفتح الموحدة (وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ) مجاوزة حدٍّ (وَلَا مَخِيلَةٍ) بالخاء المعجمة، بوزن عَظِيمة، من غير تكبُّرٍ، ولم يقعِ الاستثناء في رواية الطَّيالسيِّ، وليس في رواية الحارث و«تصدَّقوا». وزاد في آخره: «فإنَّ الله يحبُّ أن يرى أثرَ نعمتهِ على عبدهِ»(3) ونقل في «فتح الباري» عن الموفَّق عبد اللَّطيف البغداديِّ أنَّ هذا الحديث جامعٌ لفضائلِ(4) تدبيرِ الإنسان نفسه، وفيه تدبير مصالح(5) النَّفس والجسد دنيا وأخرى؛ لأنَّ السَّرف يضرُّ بالجسد وبالمعيشة، فيؤدِّي إلى الإتلاف ويضرُّ بالنَّفس إذ(6) كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال، والمخيلة تضرُّ بالنَّفس حيث تكسبها العُجب، وتضرُّ بالآخرة حيث تكسب الإثم، وبالدُّنيا حيث تكسب المقت من النَّاس. انتهى. وهذا التَّعليق ثبت للحَمُّويي والكُشميهنيِّ، كما في الفرع، وقال في «الفتح»: إنَّه ثبت للمُستملي والسَّرخسيِّ وسقط للباقين‼. وكذا حكم قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وصله ابنُ / أبي شيبة في «مصنفه»: (كُلْ مَا شِئْتَ) من المباحات (وَالبَسْ مَا شِئْتَ) من المباحات (مَا خَطِأَتْكَ)(7) بفتح الخاء(8) المعجمة وكسر الطاء المهملة، بعدها همزة مفتوحة فمثناة فوقية ساكنة، ما دامت تجاوزك(9) (اثْنَتَانِ: سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ) و«أو» بمعنى الواو.


[1] «وإذا كان للإنكار»: ليست في (ص).
[2] «به»: ليست في (د).
[3] في (د): «عباده».
[4] في (ب): «صالح».
[5] في (ص) و(م): «مجاوزتك».
[6] في (د): «إذا».
[7] هكذا ضبط الكلمة في كل الأصول، ولم أر رواية في البخاري وفق ما ضبط القسطلاني ☼ ، والذي في اليونينية: «ما أخطأتك» دون خلاف.
[8] «الخاء»: ليست في (د).
[9] في (د): «مجاوزتك».