إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: الرؤيا من الله والحلم من الشيطان

          5747- وبه قالَ: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ) قالَ: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ) بنُ بلالٍ أبو محمَّدٍ مولى الصِّدِّيق (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاريِّ، أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ) الحارث بن ربعيٍّ، وقيل: النُّعمان الأنصاريُّ فارس النَّبيِّ صلعم (يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ: الرُّؤْيَا) الصَّالحة الَّتي لا تخليط فيها يراها النَّائم (مِنَ اللهِ) يبشِّر بها عبدهُ (وَالحُلْـُمُ) بسكون اللام وتُضَمْ، وهو ما يراهُ من الشَّرِّ وما يحصلُ لهُ من الفزعِ (مِنَ الشَّيْطَانِ) ليحزنَ الَّذين آمنوا، والأصلُ استعمالُ ذلكَ فيما(1) يرى، لكن غلبتِ الرُّؤيا على الخيرِ، والحلم على ضدِّه، والله تعالى خالقُ كلٍّ منهما، فإضافةُ المحبوبةِ‼ إلى الله تعالى إضافة تشريفٍ، وإضافة المكروهةِ إلى الشَّيطانِ لأنَّه يرضاها ويُسَرُّ بها أو لحضورهِ عندها، فهي إضافةٌ مجازيَّةٌ (فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ) في منامهِ (شَيْئًا يَكْرَهُهُ) فهو من الشَّيطان (فَلْيَنْفِثْ) بكسر الفاء (حِينَ يَسْتَيْقِظُ) من نومهِ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) في جهة يساره (وَيَتَعَوَّذْ) بالله (مِنْ شَرِّهَا(2)، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ) لأنَّ ما فعلهُ من التَّعوُّذِ والنَّفثِ(3) سببٌ للسَّلامة من المكروهِ المترتِّب(4) عليهما كالصَّدقةِ تكون سببًا لرفع البلاءِ، وفي النَّفثِ إشارةٌ لطردِ الشَّيطان الَّذي حضر رؤياهُ المكروهة وتحقيرٌ له واستقذار لفعلهِ.
          (وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ) بالإسناد السَّابق: (وَإِنْ) بالواو، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”فإنْ“ (كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنَ الجَبَلِ) يعني لِمَا يخافُ من شرِّها (فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ فَمَا أُبَالِيهَا).
          والحديثُ أخرجه المؤلِّفُ أيضًا في «التَّعبير»(5) [خ¦7005]، ومسلمٌ(6) وأبو داود والنَّسائيُّ في «الرُّؤيا»، وابنُ(7) ماجه في «الدِّيات».


[1] في (م): «و».
[2] في (م): «شره».
[3] في (ص) و(م): «التفل».
[4] في (د): «المرتب».
[5] في (م): «التفسير».
[6] «ومسلم»: ليست في (م).
[7] في (د): «وأخرجه ابن».