إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اتقوا الله على ما تدغرون أولادكم بهذه الأعلاق

          5718- وبه قالَ: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثنا“(1) (مُحَمَّدٌ) بن يحيى بنِ عبد الله بنِ خالد ابنِ فارس، الذُّهليُّ النَّيسابوريُّ الحافظُ، وقال الكِرمانيُّ: هو محمَّدُ بن سلام، وجزم بالأوَّل الحافظُ ابنُ حجرٍ. قالَ: (أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ) بفتح العين المهملة والفوقية المشددة وبعد الألف موحدة، و«بشيرُ» بفتح الموحدة وكسر المعجمة، الجزريُّ(2) (عَنْ إِسْحَاقَ) بن راشدٍ الجزريِّ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عُبَيْدُ اللهِ) بضم العين (بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن عُتبة بن مسعودٍ (أَنَّ أُمَّ قَيْسٍ‼ بِنْتَ مِحْصَنٍ) الأسديَّةَ، ويقالُ: أنَّ اسمها آمنة (وَكَانَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللَاتِي) وفي نسخة: ”الَّتي“ (بَايَعْنَ رَسُولَ اللهِ صلعم ، وَهْيَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلعم بِابْنٍ لَهَا وقَدْ عَلَّقَتْ) بتشديد اللام من غير همزٍ، ولأبي ذرٍّ: ”أعلقت“ (عَلَيْهِ مِنَ العُذْرَةِ) أي: رفعت حنكهُ بإصبعها ففجَّرتِ الدَّم، والهمزةُ في أعلقَتْ للإزالةِ، أي: أزالتِ الآفة عنه (فَقَالَ) صلعم : (اتَّقُوا اللهَ، عَلَى مَا) بالألف بعد الميم (تَدْغَرُونَ أَوْلَادَكُمْ) بفتح التاء والغين وبعد الراء واو، و«أولادكُم» بميمٍ بعد الكافِ، خطابٌ لجمع الذُّكورِ، وللحَمُّويي والمُستملي: ”علَامَ“ بغير ألفٍ ”تدغَرْنَ“ بسكون الراء من غير واو و”أولادَكُنَّ“ بنون مثقلة بدل الميم، خطاب لجمع(3) المؤنَّث، أي: تغمِزنَ بإصبعكم حلقَ أولادكنَّ (بِهَذِهِ الأَعْلَاقِ) بفتح الهمزة. قال ابنُ الأثيرِ: والصَّوابُ الكسر مصدرُ أعلقَتْ (عَلَيْكُمْ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ) من سبعة أدواء (مِنْهَا ذَاتُ الجَنْبِ) أي: صاحبةُ الجنبِ، ومعناه باليونانيَّةِ ورمُ الجَنبِ، وهو من الأمراض الخَطرةِ لأنَّه يحدثُ بين القلبِ والكبدِ، وهو من سيِّئِ الأسقامِ، وينقسم قسمينِ: حقيقيٍّ وغير حقيقيّ، فالأوَّلُ ورمٌ حارٌّ(4) يَعْرِضُ في الغشاءِ المستبطن للأضلاعِ، ويعرضُ منه خمسةُ أشياء الحمَّى، والسُّعال، والوجعُ النَّاخِسُ، وضيقُ النَّفس، والنَّبضُ(5) المِنْشاريُّ. والثَّاني: ألمٌ يعرضُ في نواحي الجنبِ عن رياحٍ غليظةٍ مؤذيةٍ تحتقنُ بين الصِّفاقات فتُحْدِثُ وجعًا قريبًا من ذات الجنبِ الحقيقيِّ، والعلاجُ المذكورُ في هذا الحديث إنَّما هو لهذا القسم الثَّاني لأنَّ العودَ الهنديَّ هو الَّذي يُداوى به الرِّيح الغليظ. قال المُسبِّحيُّ: العودُ حارٌّ يابسٌ قابضٌ يحبسُ البطن، ويقوِّي الأعضاء الباطنة، ويطردُ الرِّيح، ويفتحُ السُّدد، ويُذهب فضل الرُّطوبة. قال: ويجوزُ أن ينفعَ من ذاتِ الجنب الحقيقيِّ إذا كانت ناشئةً عن مادَّةٍ بلغميَّةٍ ولاسيَّما في وقت انحطاط(6) العلَّة، وخَصَّ ذات الجَنْب بالذِّكر دون البواقي لأنَّه أصعبُها؛ لأنَّه قلَّ من(7) يسلمُ منه من ابتلي به (يُرِيدُ) بالعود الهنديِّ (الكُسْتَ) بالكاف المضمومة والمهملة الساكنة، بعدها فوقية (يَعْنِي القُسْطَ. قَالَ) الزُّهريُّ: (وَهْيَ لُغَةٌ) في القُسط بالقاف، وفيه لغةٌ ثانيةٌ: كُسدٌ، وكُسطٌ _بالدال والطاء المهملتين_.
          وهذا الحديثُ‼ قد مضى قريبًا في «باب اللَّدودِ» [خ¦5713].


[1] «ولأبي ذر حدثنا»: ليست في (د).
[2] في (م) و(د): «الحراني».
[3] في (د): «جمع».
[4] في (د): «حاد».
[5] في (م): «القبض».
[6] في (ص): «انخلاط».
[7] في (ب) و(س): «قلما».