إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: الشفاء في ثلاثة: شربة عسل وشرطة محجم

          5680- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (الحُسَيْنُ) هو ابنُ محمَّد بن زياد النَّيسابوريُّ القبَّانيُّ، بقيَ بعد البُخاريِّ ثلاثًا وثلاثين سنةً، وجزم الحاكمُ أنَّه الحسينُ بن يحيى بن جعفر البِيكَنْديُّ قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ) بفتح الميم وكسر النون بعدها تحتية ساكنة فعين مهملة، ابن عبد الرَّحمن الحافظُ أبو جعفر الأصم البغويُّ، صاحبُ «المسند» قالَ: (حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ) الجزريُّ قال: (حَدَّثَنَا سَالِمٌ الأَفْطَسُ) ابن عجلان الحرَّانيُّ الأمويُّ، مولاهم (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ ) موقوفًا، أنَّه (قَالَ: الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ) يُسهلُ الأخلاطَ البلغميَّة، وقوله: «شربةِ» بالخفضِ بدل من سابقِه، (وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ) يتفرَّغُ بها الدَّمُ الَّذي هو أعظم الأخلاطِ عند هيجانِه لتبريدِ المزاجِ، والمِحْجَم بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم، الآلةُ الَّتي يُجمع فيها دمُ الحجامةِ عند المصِّ، ويرادُ به هنا الحديدة الَّتي يشرطُ بها موضعُ الحجامةِ، يقال: شَرَطَ الحاجم، إذا ضرب موضعَ الحجامة لإخراجِ الدَّم وقد يتناولُ الفصد، وأيضًا الحجامةُ في البلاد الحارَّة أنفعُ من الفصدِ، والفصدُ في البلاد الَّتي ليست بحارَّة أنجحُ من الحجم (وَكَيَّةِ نَارٍ) تستعملُ في الخلطِ الباغي الَّذي لا تنحسمُ مادَّته إلَّا به، وآخرُ الدَّواء الكيُّ، وكيَّة مضافةٌ لتاليها (وَأَنْهَى أُمَّتِي) نهي تنزيهٍ (عَنِ الكَيِّ) لما فيه من الألمِ الشَّديد والخطرِ العظيمِ، ولأنَّهم كانوا يرون أنَّه يحسمُ الدَّاء بطبعهِ، فيبادرونَ إليه قبل حصول الاضطرارِ إليه، يستعجلونَ(1) بتعذيب الكيِّ لأمرٍ مظنونٍ، فنهى صلعم أمَّته عنه لذلك، وأباحَ استعمالَهُ على جهة طلبِ الشِّفاء من الله تعالى والتَّرجِّي للبرء (رَفَعَ) ابن عبَّاس (الحَدِيثَ) إلى النَّبيِّ صلعم وهذا مع قوله: «وأنهى أمَّتي» يدلُّ على أنَّ الحديث غيرُ موقوف على ابن عبَّاس، وقد صرَّح برفعه في الحديثِ اللَّاحق [خ¦5681](2)، ولم يكتف به عن السَّابق لتصريحهِ فيه بقول مروان: حدَّثني سالمٌ إذ هو في اللَّاحقة بالعنعنةِ.
          وهذا الحديثُ أخرجهُ ابن ماجه.
          (وَرَوَاهُ القُمِّيُّ) بضم القاف وتشديد الميم مكسورة، يعقوب‼ بنُ عبد اللهِ بن سعدِ بن مالكِ بن هانئ بنِ عامر بنِ أبي عامر الأشعريُّ، من أهل قمٍّ، مدينةٌ عظيمةٌ حصينةٌ، وفيها قال حاكمها لقاضيها: أيُّها القاضي بقُم قد عَزَلْنَاكَ فقُم، وقال القاضِي: قد عَزلتني لسجعةٍ. راجع ما كتب على(3) «التَّلخيص»، وهي مدينةٌ(4) في عراق العجمِ، وأهلها شيعةٌ، ممَّا وصلهُ البزَّار (عَنْ لَيْثٍ) هو(5) ابنُ سعدٍ الإمامُ (عَنْ مُجَاهِدٍ) هو ابنُ جبر (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم فِي(6) العَسَلِ وَالحَجْمِ) بفتح الحاء وسكون الجيم، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”والحجامَة“ ولم يذكر الكيَّ.


[1] في (د): «فيتعجلون».
[2] في (ص): «الآخر».
[3] في (م): «في».
[4] قوله: «وفيها قال حاكمها ... وهي مدينة»: ليس في (س) و(ص).
[5] «هو»: ليست في (د).
[6] في (ص): «عن».