إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى

          5356- وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ) بالعين المهملة المضمومة والفاء المفتوحة مصغَّرًا (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (اللَّيْثُ) بن سعد الإمام (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد أيضًا (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ) أمير مصر (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ) سعيد(1) (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول) قال في «شرح السنة»: أي: غنى يعتمدُه ويستظهرُ به على النَّوائب الَّتي تنوبه. وقال التُّوربشتيُّ: هو مثلُ قولهم: هو على ظهر سيرٍ وراكب متن السَّلامة وممتطٍ غاربَ العزِّ(2) ونحو ذلك من الألفاظ الَّتي يعبر بها عن التَّمكن من الشَّيء والاستواء عليه، والتَّنكير فيه للتَّعظيم. وقال الطِّيبيُّ: استعيرت الصَّدقة للإنفاق حثًّا عليه، ومسارعةً فيما يُرجى منه جزيل الثَّواب، ومن ثمَّة أتبعَه بما ينبغي أن تُحمل فيه(3) الصَّدقة على الإنفاقِ مطلقًا، قوله: «وابدأْ بمَن تعولُ» قرينةٌ للاستعارة، فيشملُ النَّفقة على العيالِ وصدقتي التَّطوُّع والواجب، وأن يكونَ ذلك الإنفاق من الرِّبح لا من صُلبِ المال، فعلى هذا كان من الظَّاهر أن يُؤتى بالفاء فعدل إلى الواو، ومن الجملة الإخبارية إلى الإنشائيَّةِ، تفويضًا(4) للتَّرتيب إلى الذِّهن واهتمامًا بشأنِ الإنفاقِ.


[1] وقع في (ص) و(م) بعد لفظ: «عن» المتقدم.
[2] في كل النسخ: «غارب الغير»، والتصحيح من «الميسر» للتُّوربشتيِّ، و«الكاشف» للطيبي.
[3] «فيه»: ليست في (ص) و(م) و(د).
[4] في (ص) و(م): «تعويضًا».