إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان يعرض على النبي القرآن كل عام مرة

          4998- وبه قال: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ) الكاهليُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ) هو: ابنُ عيَّاش _بالتحتية والمعجمة_ (عَنْ أَبِي حَصِينٍ) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين، عثمان بن عاصمٍ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان السَّمَّان (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ ، أنَّه (قَالَ: كَانَ) أي: جبريل (يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ صلعم القُرْآنَ) وسقط لغير الكُشمِيهنيِّ لفظ «القرآن» أي: بعضه أو معظمه (كُلَّ عَامٍ مَرَّةً) ليالي رمضانٍ، من زمنِ البعثةِ، أو من بعدِ فترةِ الوحي إلى رمضان الَّذي توفِّي بعدهُ(1) (فَعَرَضَ عَلَيْهِ) القرآن (مَرَّتَيْنِ فِي العَامِ الَّذِي قُبِضَ) زاد الأَصيليُّ: ”فيهِ“ واختلفَ: هل كانت العرضَة الأخيرةُ بجميعِ الأحرفِ السَّبعة أو بحرفٍ واحدٍ منها؟ وعلى الثَّاني: فهل هو الحرفُ الَّذي جمعَ عليه عثمان النَّاس أو غيره؟ فعندَ أحمدَ وغيرهِ من طريقِ عَبيدةَ السَّلماني: أنَّ الَّذي جمع عليه عثمان النَّاس يوافقُ(2) العرضَة الأخيرة. ونحوه عندَ الحاكمِ من حديثِ سَمُرة، وإسنادهُ حسنٌ، وقد صحَّحه هو، وأخرجَ أبو عُبيد من طريقِ داود بن أبي هندٍ، قال: قلتُ للشَّعبيِّ: قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[البقرة:185] أما كان ينزلُ عليه في سائر السَّنة؟ قال: بلى، ولكنَّ جبريلَ كان يعارضُ مع النَّبيِّ صلعم في رمضان ما أنزلَ عليهِ، فيُحْكِمُ اللهُ ما يشاءُ وينسخُ ما يشاءُ، فكأنَّ السِّرَّ في عرضهِ مرَّتين في سنةِ الوفاةِ استقرارهُ على ما كتبَ في المصحفِ العثمانيِّ، والاقتصار عليه وترك ما عداهُ، ويحتملُ أن يكون لأنَّ رمضان في السَّنة الأولى من نزولِ القرآنِ لم يقعْ فيهِ مُدَارسة؛ لوقوعِ ابتداءِ النُّزول في رمضان، ثمَّ فترَ الوحي ثم تتابع(3) فوقعَتِ المُدَارسَة في السَّنة الأخيرةِ في رمضان مرَّتين؛ ليستوي عددُ السِّنين والعرْضِ.
          (وَكَانَ) صلعم (يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرًا) من رمضان (فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ) يومًا في رمضان (فِي العَامِ الَّذِي قُبِضَ) زاد الأَصيليُّ: ”فيهِ“ مناسبةً لعرضِ القرآنِ مرَّتين.
          وسبقَ في «الاعتكافِ» مباحثُ الاعتكاف، والله الموفِّق والمعين.


[1] في (م) و(د) زيادة: «مرة».
[2] في (ب): «موافق».
[3] قوله: «ثم تتابع» زيادة من فتح الباري.