إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الترتيل في القراءة وقوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلًا}

          ░28▒ (باب التَّرْتِيلِ) أي: التأنِّي (فِي القِرَاءَةِ) للقرآنِ (وَقَوْلِهِ تَعَالَى) لنبيِّه صلعم : ({وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ}) / أي: بيِّن وفصِّل، من الثَّغر المُرَتَّل؛ أي: المفلَّج. قال الجوهريُّ: الفلجُ في الأسنانِ تباعدُ ما بين الثَّنايا والرَّبَاعيَّات، وثغرٌ رَتِلٌ إذا كان مستوي النَّبات. وقال الرَّاغبُ: الرَّتل اتِّساق الشَّيء وانتظامهُ على استقامةٍ، يقال: رجل رَتِلُ الأسنان، والتَّرتيل: إرسالُ الكلمة من الفمِ بسهولةٍ واستقامةٍ، أو اقرأْ على تؤدةٍ بتبيينِ الحروفِ وحفظِ الوقوف ({تَرْتِيلًا}[المزمل:4]) تأكيدٌ في إيجابِ الأمرِ به، وأنَّه لا بدَّ للقارئ منه؛ إذ هو عونٌ على فهمِ القرآنِ وتدبُّره (وَقَوْلِهِ) تعالى: ({وَقُرْآناً}) نصب بفعل يفسِّره: ({فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}[الإسراء:106]) على تؤدةٍ وتثبُّتٍ (وَمَا يُكْرَهُ) بضم الياء وفتح الراء (أَنْ يُهَذَّ) بضم الياء وفتح الهاء والذَّال المعجمة المشددة؛ أي: وبيان كراهةِ الهذِّ (كَهَذِّ الشِّعْرِ) من الإسراعِ المفرطِ؛ بحيثُ يخفى كثيرٌ من الحروفِ‼ ({فِيهَا}) في ليلةِ القدر ({يُفْرَقُ}[الدخان:4]) أي: (يُفَصَّلُ) وهذا تفسيرُ أبي عبيدة، وثبتَ قوله: ”فيها“ في روايةِ أبوي ذرٍّ والوقتِ وابنِ عساكرٍ.
          (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ ، فيما رواهُ ابنُ المنذر، وابنُ جرير في «تفسيره»: ({فَرَقْنَا}[الإسراء:106]) السَّابق ذكره(1) (فَصَّلْنَاهُ).


[1] في (د) زيادة: «أي».