إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

الجواب عن الأحاديث المنتقدة على الصحيحين

          وأمَّا الجواب عمَّا انتُقِد عليه؛ فاعلم أنَّه لا يقدح في الشَّيخين كونهما أخرجا لمن طُعِنَ فيه؛ لأنَّ تخريج صاحب الصَّحيح لأيِّ راوٍ كان مقتضٍ لعدالته عنده، وصحَّة ضبطه وعدم غفلته، لا سيَّما وقد انضاف إلى ذلك إطلاق(1) الأمَّة على تسميتهما بالصَّحيحين، وهذا إذا خرَّج(2) له في الأصول، فإن خرَّج له في المتابعات والشَّواهد والتَّعاليق فتتفاوت درجات من أخرج له في الضَّبط وغيره، مع حصول اسم الصِّدق لهم، فإذا وجدنا مطعونًا فيه فذلك الطَّعن مقابلٌ لتعديل هذا الإمام، فلا يُقبَل التَّجريح إلَّا مفسَّرًا بقادحٍ يقدح فيه، أو في ضبطه مُطلَقًا، أو في ضبطه لخبرٍ بعينه؛ لأنَّ الأسباب الحاملة للأئمَّة على الجرح متفاوتةٌ، منها ما يقدح ومنها ما لا يقدح.
          وقد كان أبو الحسن المقدسيُّ يقول في الرَّجل الذي يُخرَّجُ عنه في «الصَّحيح»: هذا جاز القنطرة‼؛ يعني: أنَّه لا يُلتَفت إلى ما قِيلَ فيه. وأمَّا الأحاديث التي انتُقِدت عليهما فأكثرها لا يقدح في أصل موضوع الصَّحيح، فإنَّ جميعها واردةٌ من جهةٍ أخرى، وقد عُلِمَ أنَّ الإجماع واقعٌ على تلقِّي كتابيهما بالقبول والتَّسليم، إلَّا ما انتُقِد عليهما فيه. والجواب عن ذلك على سبيل الإجمال.


[1] في (د) و (س): «إطباق».
[2] في (ص): «أخرج».