إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا أيها الناس ما لكم إذا نابكم شيء في صلاتكم أخذتم

          2690- وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ) هو سعيد بن الحكم بن محمَّد بن أبي مريم، أبو محمَّد الجمحيُّ مولاهم، البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا) وللأَصيليِّ: ”أخبرنا“ (أَبُو غَسَّانَ) محمَّد بن مطرف اللَّيثي المدنيُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزَّاي سلمة بن دينار (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) السَّاعديِّ ( ☺ : أَنَّ أُنَاسًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ) بفتح العين وسكون الميم، لم يُسمَّوا وكانت منازلهم بقباء(1) (كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ) من الخصومة حتَّى ترَامَوا بالحجارة، ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”شرٌّ“ ضدُّ الخير (فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلعم فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ) سُمِّيَ منهم أُبيُّ بن كعب وسُهَيل بن بيضاء في «الطَّبرانيِّ» (يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ) هي العصر (وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ صلعم ) مسجده (فجَاءَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ) سقط قوله «فجاء بلال» لأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ، وفي نسخة الميدوميِّ: ”فجاء بلال فأذَّن بالصَّلاة“ فأسقط لفظ «بلالٌ» الثَّاني (وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ صلعم ، فَجَاءَ) بلال (إِلَى أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيق ☺ (فَقَالَ) له: (إِنَّ النَّبِيَّ صلعم حُبِسَ) بضمِّ الحاء مبنيًّا للمفعول بسبب الإصلاح (وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ) ودخل في الصَّلاة (ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صلعم ) حال كونه (يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ) وهو جائز للإمام، مكروهٌ لغيره (فَأَخَذَ النَّاسُ بِالتَّصْفِيحِ) بالحاء المهملة وأوَّله موحَّدة، ولأبي ذَرٍّ(2): ”في التَّصفيح“ بـ «في» بدل الموحَّدة، وله عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”بالتَّصفيق“ بالموحَّدة والقاف، وهما بمعنًى، أي: ضربَ كلٌّ يده بالأخرى، حتَّى سُمِعَ لها صوت (حَتَّى أَكْثَرُوا) منه (وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ) ☺ (لَا يَكَادُ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ) لأنَّه اختلاس يختلسه الشَّيطان من صلاة الرَّجل، كما عند ابن خزيمة (فَالتَفَتَ) لمَّا أكثروا التَّصفيق (فَإِذَا هُوَ بِالنَّبِيِّ صلعم وَرَاءَهُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ) ╕ (بِيَدِهِ) الكريمة (فَأَمَرَهُ يُصَلِّي) وللأَصيليِّ وأبي الوقت وأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”أن يصلي“ (كَمَا هُوَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ) بالإفراد (فَحَمِدَ اللهَ) أي: بلسانه، زاد في «باب‼ مَن دخل ليؤمَّ النَّاس» من «الصَّلاة» [خ¦684]: «على ما أمره به» أي: من الوجاهة في الدِّين، زاد الأَصيليُّ: ”وأثنى عليه“ (ثُمَّ رَجَعَ) أبو بكر (القَهْقَرَى وَرَاءَهُ) حتَّى لا يستدبر القبلة ولا ينحرف عنها (حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ) بالواو، ولأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ: ”فتقدَّم“ (النَّبِيُّ صلعم ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ) ╕ من الصَّلاة (أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِذَا نَابَكُمْ) أي: أصابكم (شَيْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ) بالموحَّدة والحاء، ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”بالتَّصفيق“ بالموحَّدة والقاف، و«إذا» للظَّرفية المحضة لا الشَّرطية، وفي حاشية الفرع كأصله مكتوبًا: صوابُه: ”ما لكم إذا نابكم“ وضُبِّب على لفظ: «النَّاس»، فلْيُتأَمَّل. (إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ. مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ اللهِ) وزاد الأبوان(3) عن الحَمُّويي: ”سبحان الله“ (فَإِنَّهُ لا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ) يصلِّي معه (إِلَّا التَفَتَ) إليه (يَا أَبَا بَكْرٍ؛ مَا مَنَعَكَ) قال الكِرمانيُّ: مجاز عن: «دعاك» حملًا للنَّقيض على النَّقيض، قال السَّكَّاكيُّ: والتَّعلُّق بين الصَّارف عن فعل الشَّيء والدَّاعي إلى تركه يحتمل أن يكون / «منعكَ» مرادًا به: دعاك (حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ) ولأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ: ”أُشِيرَ“ بضمِّ الهمزة مبنيًّا للمفعول (لَمْ تُصَلِّ بِالنَّاسِ؟ فَقَالَ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لاِبْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ) وللأَصيليِّ: ”رسول الله“ ( صلعم ) أي: قدَّامه إمامًا به، ولم يقل: ما كان ينبغي لي ولا لأبي بكر تحقيرًا لنفسه واستصغارًا لمرتبته.
          وفي الحديث: مشروعيَّة الإصلاح بين النَّاس والذَّهاب إليهم لذلك.


[1] «وكانت منازلهم بقباء»: سقط من (م).
[2] زيد في (د): «في رواية».
[3] يقصد أبا ذر وأبا الوقت.