إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب سؤال جبريل النبي عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة

           ░37▒ هذا (بابُ) بغير تنوينٍ؛ لإضافته إلى قوله(1): (سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صلعم عَنِ الإِيمَانِ، وَالإِسْلَامِ، وَالإِحْسَانِ) بإضافة «سؤالِ» لـ «جبريل» من إضافة المصدر للفاعل، و«النَّبيَّ»: نصب معمول المصدر (وَ) عن (عِلْمِ) وقت (السَّاعَةِ) قُدِّر بالوقت لأنَّ السُّؤال لم يقع عن نفس السَّاعة، وإنَّما هو عن وقتها؛ بقرينة ذكر: متى السَّاعة(2)؟ (وَبَيَانِ) _بالجرِّ_ عطفًا على سؤالِ جبريلَ (النَّبِيِّ صلعم لَهُ) أكثرَ المسؤولِ عنه لأنَّه لم يبيِّن وقت الساعة؛ إذ حكم مُعظَمِ الشَّيءِ حكمُ كلِّه، أو أنَّ قوله عنِ السَّاعة: «لا يعلمها إلَّا الله» بيانٌ له (ثُمَّ قَالَ) صلعم ، وعطف الجملة الفعليَّة على الاسميَّة لأنَّ الأسلوب يتغيَّر بتغيُّر المقصود؛ لأنَّ مقصوده من الكلامِ الأوَّلِ: التَّرجمة، ومن الثَّاني: كيفيَّة الاستدلال، فَلِتغايرهما تَغَايَرَ الأسلوبان (جَاءَ جِبْرِيلُ ◙ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ، فَجَعَلَ) صلعم (ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا) يدخل فيه اعتقاد وجود السَّاعة، وعدم العلم بوقتها لغير الله تعالى لأنَّهما من الدِّين (وَمَا بَيَّنَ النَّبِيُّ صلعم لِوَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ مِنَ الإِيمَانِ) أي: مع ما بيَّن للوفد أنَّ الإيمان هو الإسلام؛ حيث فسَّره في قصَّتهم بما فسَّر به الإسلام (وَقَوْلِهِ تَعَالَى) وفي رواية أبي ذَرٍّ: ”وقول الله تعالى“ وفي رواية الأَصيليِّ: ” ╡ “: ({وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ }[آل عمران:85]) أي: ومع ما دلَّت عليه هذه الآية أنَّ الإسلام هو الدِّين؛ إذ لو كان غيره لم يُقبَل، فاقتضى ذلك أنَّ الإيمانَ والإسلامَ شيءٌ واحدٌ، ويؤيِّده ما نقل أبو عوانة في «صحيحه» عن المزنيِّ من(3) الجزم بأنَّهما عبارةٌ عن معنًى واحدٍ، وأنَّه سمع ذلك من الشَّافعيِّ، وسيأتي البحث في ذلك إن شاء الله تعالى قريبًا.


[1] قوله: «بغير تنوينٍ؛ لإضافته إلى قوله» سقط من (م).
[2] «السَّاعة»: سقط من (م).
[3] «من» سقط من (م).