إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث كعب: لما تخلف عن رسول الله في غزوة تبوك

          7225- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثنا“ (يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) هو يحيى بن عبد الله بن بُكَيرٍ المخزوميُّ مولاهم المصريُّ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام المصريُّ (عَنْ عُقَيْلٍ) بضمِّ العين، هو ابن خالدٍ الأيليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ) ولأبي ذرٍّ: ”عن عبد الله بن كعب بن مالكٍ“ (وَكَانَ) عبد الله (قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ) بفتح الموحَّدة وكسر النُّون بعدها تحتيَّةٌ ساكنةٌ (حِينَ عَمِيَ) وفي رواية مَعْقلٍ عن ابن شهابٍ عند «مسلمٍ»: وكان قائدَ كعبٍ / حين أُصِيب بصره، وكان أعلمَ قومه وأوعاهم لأحاديث أصحاب رسول الله صلعم أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ) أبي (كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ) بغير صرفٍ للأكثر، زاد أحمد من رواية معمَرٍ: «وهي آخر غزوة غزاها» (فَذَكَرَ حَدِيثَهُ) بطوله السَّابق في آخر(1) «المغازي» [خ¦4418] إلى أن قال: (وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صلعم المُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا) أيُّها الثَّلاثة المتخلِّفين؛ وهم كعبٌ وهلال بن أميَّة ومرارة بن الرَّبيع (فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَآذَنَ) بالمدِّ: أعلم (رَسُولُ اللهِ صلعم بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا) أيُّها الثَّلاثة.
          ومطابقة الحديث للجزء الأخير من التَّرجمة واضحٌ(2)، وفيه جواز الهجر أكثر من ثلاثٍ، وأمَّا النَّهي عنه فوق ثلاثٍ؛ فمحمولٌ على من لم يكن هجرانه شرعيًّا، وسبق الحديث مُطوَّلًا ومختصرًا مرَّاتٍ، والله الموفِّق والمعين.
          وهذا آخر «كتاب الأحكام»، فرغتُ منه مُستَهَلَّ سنة ستَّ عشرة وتسع مئةٍ، أحسن الله فيها وفيما بعدها عاقبتَنا، وكفانا جميع المُهِمَّات، وأفاض علينا من فواضِل فَضْله العميم، وهدانا إلى الصِّراط المستقيم، وأعانني على إكمال هذا الشَّرح كتابةً وتحريرًا، ونفع به وَجَعَله خالصًا لوجهه الكريم، أستودِعُه تعالى ذلك وجميع ما أنعم به عليَّ، وأسأله أن يُطيل عُمري في طاعته، ويُلبِسني أثوابَ عافيته، ويجعل وفاتي في طَيْبةَ الطَّيِّبةَ مع الرِّضا والإسلام، والحمد لله، وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّدٍ وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا دائمًا أبدًا(3).


[1] في (ب) و(س): «أواخر».
[2] في (ب) و(س): «واضحة».
[3] قوله: «وهذا آخر كتاب الأحكام... تسليمًا كثيرًا دائمًا أبدًا» سقط من (ع).