إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها

          7209- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القعنبيُّ (عَنْ مَالِكٍ) الإمام (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ) ابن عبد الله المدنيِّ الحافظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) السَّلَمِيِّ _بفتحتين_ الأنصاريِّ ( ☻ أَنَّ أَعْرَابِيًّا) لم يُسمَّ، وعند الزَّمخشريِّ في «ربيع الأبرار»: أنَّه قيس بن أبي حازم، قال الحافظ ابن حجرٍ في «المقدِّمة»: وفيه نظرٌ، قال في «الشَّرح»: لأنَّه تابعيٌّ كبيرٌ مشهورٌ، صرَّحوا بأنَّه هاجر فوجد النَّبيَّ صلعم قد مات، فإن كان محفوظًا؛ فلعلَّه آخر وافق اسمه واسم أبيه، وفي «الذَّيل» لأبي موسى في «الصَّحابة»: قيس بن أبي حازمٍ المنقريُّ، ويُحتمَل أن يكون هو هذا (بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلعم عَلَى الإِسْلَامِ، فَأَصَابَهُ وَعْكٌ) بفتح الواو وسكون العين: حمَّى أو ألمها أو رعدتها (فَقَالَ): يا رسول الله (أَقِلْنِي بَيْعَتِي‼ فَأَبَى) فامتنع النَّبيُّ صلعم أن يقيله؛ لأنَّه لا يعين على معصية، وظاهره: طلب الإقالة من نفس الإسلام، ويُحتمَل أن يكون من شيءٍ من عوارضه؛ كالهجرة، وكانت إذ ذاك واجبةً، فمن خرج من المدينة كراهيةً(1) فيها، أو رغبةً عنها؛ كما(2) فعل هذا الأعرابيُّ؛ فهو مذمومٌ (ثُمَّ جَاءَهُ) صلعم الأعرابيُّ(3) المرَّة الثَّانية (فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى) وفي رواية الثَّوريِّ عن ابن المنكدر: أنَّه أعاد ذلك ثلاثًا (فَخَرَجَ) الأعرابيُّ من المدينة راجعًا إلى البدو (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : المَدِينَةُ كَالكِيرِ) بكسر الكاف بعدها تحتيَّةٌ ساكنةٌ فراءٌ: ما ينفخ الحدَّاد فيه (تَنْفِي) بفتح الفوقيَّة وسكون النُّون وكسر الفاء (خَبَثَهَا) بفتح المعجمة والموحَّدة والمثلَّثة: رديئها الذي لا خير فيه (وَيَنْصَعُ) بفتح التَّحتيَّة وسكون النُّون وفتح الصَّاد بعدها عينٌ مهملتين: ويظهر (طِيبُهَا) بكسر الطَّاء المهملة وسكون التَّحتيَّة، مرفوعٌ فاعل «ينصَع»، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”وتَنصَع“ بالفوقيَّة بدل التَّحتيَّة: ”طِيْبَها“ بكسر الطَّاء وتسكين(4) التَّحتيَّة، منصوبٌ على المفعوليَّة.
          والحديث يأتي في «الاعتصام» [خ¦7322] إن شاء الله تعالى بعون الله، وأخرجه مسلمٌ في «المناسك»، والتِّرمذيُّ في «المناقب»، والنَّسائيُّ في «البيعة والسِّير».


[1] في (د): «كراهة».
[2] زيد في (د): «في».
[3] زيد في (د): «في».
[4] في (د): «بفتح الطاء وتشديد»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».