إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أبي سفيان: أن هرقل أرسل إليه

          7196- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عُبَيْدُ اللهِ) بضمِّ العين (بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن عتبة بن مسعودٍ: (أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ) ☻ (أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ) قيصر ملك الرُّوم (أَرْسَلَ إِلَيْهِ) حال كونه (فِي) أي: مع (رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ) ثلاثين رجلًا (ثُمَّ قَالَ) هرقل (لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا) أي: عن النَّبيِّ صلعم (فَإِنْ كَذَبَنِي) بالتَّخفيف، أي: نقل إليَّ كذبًا (فَكَذِّبُوهُ) بالتَّشديد (فَذَكَرَ الحَدِيثَ، فَقَالَ) هرقل (لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ) أي: لأبي سفيان: (إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ) من أوصافه الشَّريفة (حَقًّا؛ فَسَيَمْلُكُ) بضمِّ اللَّام في «اليونينيَّة» مع كشطٍ تحت اللَّام (مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ) أرض بيت المقدس، أو أرض ملكه، واستُشكل دخول هذا الحديث هنا من جهة أنَّ فعل هرقل الكافر لا يُحتَجُّ به، وأجيب بأنَّه يؤخَذ من صحَّة استدلاله فيما يتعلَّق بالنُّبوَّة والرِّسالة أنَّه كان مطَّلِعًا على شرائع الأنبياء، فتُحمَل تصرُّفاته على وفق الشَّريعة التي كان متمسِّكًا بها، وأيضًا تقرير ابن عبَّاس؛ وهو من الأئمَّة الذين يُقتَدى بهم على ذلك، ومن ثمَّ احتجَّ باكتفائه بترجمة أبي جمرة له، فالأمران(1) راجعان لابن عبَّاسٍ؛ أحدهما: من تصرُّفه، والآخر: من تقريره، فإذا انضمَّ إلى ذلك نقل(2) عمر ومن(3) معه من الصَّحابة، ولم يُنقَل عن غيره خلافه؛ قويت الحجَّة، واختُلف: هل يكفي ترجمانٌ واحدٌ؟ قال محمَّد بن الحسن: لا بدَّ من رجلين أو رجلٍ وامرأتين، وقال الشَّافعيُّ: هو كالبيِّنة، وعن مالكٍ روايتان، ونقل الكرابيسيُّ عن مالكٍ والشَّافعيِّ الاكتفاء بترجمانٍ واحدٍ(4)، فيرجع الخلاف إلى أنَّها أخبارٌ أو شهادةٌ، قاله في «فتح الباري».


[1] هكذا في الأصول، وفي «الفتح»: «الأثران».
[2] في (د): «فعل».
[3] زيد في (د): «ونقل مَن».
[4] في (د): «الاكتفاء بواحدٍ».