إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا نابكم أمر فليسبح الرجال وليصفح النساء

          7190- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ) محمَّد بن الفضل قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ) هو ابن زيدٍ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزَّاي، سلمة (المَدِينِيُّ) بالتَّحتيَّة بعد الدَّال، ولأبي ذرٍّ ”المَدنيُّ“ بإسقاطها وفتح الدَّال (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ) ☺ (1) أنَّه (قَالَ: كَانَ قِتَالٌ) بالتَّنوين (بَيْنَ بَنِي عَمْرٍو) بفتح العين، ابن عوفٍ؛ بالفاء: قبيلةٌ (فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلعم ، فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَاهُمْ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا حَضَرَتْ صَلَاةُ العَصْرِ؛ فَأَذَّنَ بِلَالٌ) سقط لفظ «بلال» لأبي ذرٍّ، واستُشكل الإتيان بالفاء في قوله: «فأذَّن»؛ لأنَّه(2) ليس موضعها، سواءٌ كانت «لمَّا» شرطيَّةً أو ظرفيَّةً، وأُجيب بأنَّ الجزاء محذوفٌ، وهو «جاء المؤذِّن»، والفاء للعطف عليه، وعند أبي داود عن عمرو بن عوفٍ عن حمَّادٍ: أنَّه صلعم قال لبلالٍ: «إن حضرت صلاة العصر ولم آتِك؛ فمُرْ أبا بكر، فليصلِّ بالنَّاس»، فلمَّا حضرت العصر؛ أذَّن بلالٌ (وَأَقَامَ) الصَّلاة (وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ) ☺ أن يصلِّي بالنَّاس؛ كما أمره النَّبيُّ صلعم (فَتَقَدَّمَ) أبو بكرٍ وصلَّى بهم (وَجَاءَ النَّبِيُّ صلعم وَأَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ، فَشَقَّ النَّاسَ حَتَّى قَامَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَتَقَدَّمَ فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ) وليس هو من المنهيِّ عنه؛ لأنَّ الإمام يُستثنى(3) من ذلك لا سيَّما الشَّارع؛ إذ ليس لأحدٍ التَّقدُّم عليه، ولأنَّه ليس حركةٌ من حركاته إلَّا ولنا فيها‼ مصلحةٌ وسُنَّةٌ نقتدي بها (قَالَ) سهلٌ: (وَصَفَّحَ القَوْمُ(4)) بفتح الصَّاد المهملة والفاء المشدَّدة بعدها حاءٌ مهملةٌ، أي: صفَّقوا؛ تنبيهًا لأبي بكرٍ على حضوره صلعم (وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ / لَمْ يَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْرُغَ) منها (فَلَمَّا رَأَى التَّصْفِيحَ لَا يُمْسَكُ عَلَيْهِ) بضمِّ التَّحتيَّة وسكون الميم مبنيًّا للمفعول (التَفَتَ) ☺ (فَرَأَى النَّبِيَّ صلعم خَلْفَهُ) فأراد أن يتأخَّر (فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ(5) صلعم ) زاد أبو ذرٍّ: ”بيده“ أي: أشار إليه بها (أَنِ امْضِهْ) أمرٌ بالمضيِّ، والهاء للسَّكت، أي: امضِ في صلاتك (وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ هَكَذَا) أي: أشار إليه بالمكث في مكانه (وَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ) في مكانه (هُنَيَّةً) بضمِّ الهاء وفتح النُّون والتَّحتيَّة المشدَّدة: زمانًا يسيرًا حال كونه (يَحْمَدُ اللهَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”فحمد الله“ (عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم ، ثُمَّ مَشَى القَهْقَرَى) رجع إلى خلفٍ (فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صلعم ذَلِكَ) الذي فعله أبو بكرٍ (تَقَدَّمَ) إلى موضع الإمامة (فَصَلَّى النَّبِيُّ صلعم بِالنَّاسِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ؛ قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ؛ مَا مَنَعَكَ إِذْ) بسكون الذَّال (أَوْمَأْتُ) أشرتُ (إِلَيْكَ) أن تمكث في مكانك (أَلَّا تَكُونَ مَضَيْتَ) في صلاتك فيه؟ (قَالَ) أبو بكرٍ ☺ : (لَمْ يَكُنْ لاِبْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَؤُمَّ النَّبِيَّ صلعم ) ولم يقل: لم يكن لي، أو لأبي بكرٍ؛ هضمًا لنفسه وتواضعًا، وأبو قحافة كنية والد أبي بكرٍ ☻ (وَقَالَ) صلعم (لِلْقَوْمِ: إِذَا نَابَكُمْ) أي: أصابكم، ولأبوي ذرٍّ والوقت والأَصيليِّ: ”رابكم“ أي: سنح(6) لكم (أَمْرٌ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ) أي: يقولوا: سبحان الله (وَلْيُصَفِّحِ النِّسَاءُ) أي: يصفِّقن بأن يضربن بأيديهنَّ(7) على ظهر الأخرى.
          وفي الحديث جواز مباشرة الحاكم الصُّلح بين الخصوم، وجواز ذهاب الحاكم إلى موضع الخصوم للفصل بينهم إذا اضطُرَّ الأمر لذلك.
          والحديث سبق في «الصَّلاة» في «باب من دخل ليؤمَّ النَّاس» [خ¦684].


[1] في (د): «رضي الله عنهما».
[2] في (ص): «فإنَّه».
[3] في غير (د) و(ع): «مستثنًى».
[4] في (ع): «النَّاس».
[5] «النَّبيُّ»: سقط من (د).
[6] في غير (د) و(س): «حدث».
[7] في (د): «بإحدى إيديهنَّ».