إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما بال العامل نبعثه فيأتي يقول: هذا لك وهذا لي

          7174- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ: (أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ) بن الزُّبير يقول: (أَخْبَرَنَا أَبُو حُمَيْدٍ) بضمِّ الحاء المهملة وفتح الميم، عبد الرَّحمن بن(1) المنذر (السَّاعِدِيُّ) ☺ أنَّه (قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صلعم رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ) وللأَصيليِّ: ”من بني الأَسَد“ بالألف واللَّام وفتح السِّين فيهما في الفرع، والذي في الأصل السُّكون فيهما، وقال في «الفتح»: قوله: ”رجلًا من أَسْدٍ“ بفتح الهمزة وسكون السِّين المهملة كذا وقع هنا، وهو يوهم(2) أنَّه بفتح السِّين نسبةً إلى بني أسَد بن خزيمة القبيلة المشهورة، أو إلى بني أسَد بن عبد العزَّى بطنٍ من قريشٍ، وليس كذلك، قال: وإنَّما قلت: إنَّه يوهمه؛ لأنَّ الأَزْد ملازمةٌ الألف واللَّام في الاستعمال اسمًا وانتسابًا؛ بخلاف بني أَسَدٍ؛ فبغير ألفٍ ولامٍ في الاسم، وللأَصيليِّ هنا بزيادة الألف واللَّام، ولا إشكال فيها مع سكون السِّين، وفي «الهبة» [خ¦2597] استعمل رجلًا من الأَزْد، أي: بالزَّاي، وذكر(3) أنَّ أصحاب الأنساب ذكروا أنَّ في الأزد بطنًا / يُقال لهم: بنو الأسَد _بالتَّحريك_ ينسبون إلى أَسَد ابن شُرَيكٍ _بالمعجمة مُصغَّرًا_ ابن مالكٍ بن عمرو بن مالك بن فَهْمٍ، وبنو فَهْم بطنٌ شهيرٌ من الأزد(4)، فيُحتمَل أن يكون ابن الأُتبيَّة كان منهم، فيصحُّ أن يقال: فيه الأَزْديُّ؛ بسكون الزَّاي، والأسْدَيُّ؛ بسكون السِّين وفتحها، من بني أسَد بفتح السِّين(5)، ومن بني الأزْد(6) و(7)الأسْد بالسُّكون فيهما لا غير. انتهى. والرَّجل (يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الأُتَـْبِيَّةِ) بضمِّ الهمزة وفتح الفوقيَّة وسكونها وكسر الموحَّدة وتشديد التَّحتيَّة، قيل: هو اسم أمِّه، واسمه: عبد الله فيما ذكره ابن سعدٍ وغيره (عَلَى صَدَقَةٍ) أي: صدقات بني سُليمٍ كما سبق في «الزَّكاة» [خ¦1500] وقال العسكريُّ: إنَّه بُعِثَ على صدقات بني ذُبيان، فلعلَّه كان على القبيلتين (فَلَمَّا قَدِمَ) أي: جاء إلى المدينة من عمله؛ حاسبه النَّبيُّ(8) صلعم (قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي(9)) بضمِّ الهمزة (فَقَامَ النَّبِيُّ صلعم عَلَى المِنْبَرِ _قَالَ سُفْيَانُ) بن عيينة (أَيْضًا: فَصَعِدَ) بكسر العين، بدل قوله الأوَّل: فقام (المِنْبَرَ(10)_ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُ العَامِلِ نَبْعَثُهُ) على العمل (فَيَأْتِي يَقُولُ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي(11): ”فيقول“: (هَذَا لَكَ) بلفظ الإفراد (وَهَذَا لِي؟ فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ) وفي «الهبة» [خ¦2597] «أو بيت أمِّه» (فَيَنْظُرَُ) برفع الرَّاء، ولأبي ذرٍّ بنصبها (أَيُهْدَى لَهُ) بفتح الهمزة وضمِّ التَّحتيَّة وفتح الدَّال (أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ) من مال الصَّدقة يحوزه لنفسه‼، وفي «الهبة»: «لا يأخذ أحدٌ منه شيئًا» [خ¦2597] (إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) حال كونه (يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ) بضمِّ الرَّاء وفتح الغين المعجمة، مهموزٌ: له صوتٌ (أَوْ) كان المأخوذ (بَقَرَةً لَهَا جُؤَارٌ) بجيمٍ مضمومةٍ فهمزةٍ، وفي روايةٍ بالخاء المعجمة بعدها واوٌ: صوتٌ (أَوْ) كان (شَاةً تَيْعَرُ) بمثنَّاةٍ فوقيَّةٍ مفتوحةٍ فتحتيَّةٍ ساكنةٍ فعينٍ مهملةٍ مفتوحةٍ: تصوِّت شديدًا (ثُمَّ رَفَعَ) صلعم (يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبِطَيْهِ) بضمِّ العين المهملة وسكون الفاء وفتح الرَّاء، و«إِبطَيه» _بكسر الموحَّدة وفتح الطَّاء المهملة، بالتَّثنية فيهما_ بياضهما المشوب بالسُّمرة، يقول: (أَلَا) بفتح الهمزة وتخفيف اللَّام (هَلْ بَلَّغْتُ؟) بتشديد اللَّام، أي: قد بلَّغت حكم الله إليكم، أو «هل» للاستفهام التَّقريريِّ؛ للتَّأكيد، وفي «باب ليبلِّغ الشَّاهد الغائب» [خ¦105] «قال: ألا هل بلَّغت؟» (ثَلَاثًا، قَالَ سُفْيَانُ) بن عيينة بالسَّند السَّابق: (قَصَّهُ) أي: الحديث (عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ) محمَّد بن مسلمٍ (وَزَادَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير، وهو من مقول سفيان أيضًا (عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ) السَّاعديِّ أنَّه (قَالَ: سَمِعَ أُذُنَايَ) بالتَّثنية (وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنِي) بالإفراد، أي: أعلمه علمًا يقينًا لا شكَّ فيه (وَسَلُوا) بفتح المهملة وضمِّ اللَّام، وبسكون(12) المهملة بعدها همزةٌ (زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَإِنَّهُ سَمِعَهُ) ولأبي ذرٍّ: ”سَمِعَ“ (مَعِي) بفتح السِّين وكسر الميم(13) على الرِّوايتين، قال سفيان أيضًا: (وَلَمْ يَقُلِ الزُّهْرِيُّ) محمَّد بن مسلمٍ: (سَمِعَ أُذُنِي).
          قال المؤلِّف: (خُوَارٌ) بالخاء المعجمة المضمومة: (صَوْتٌ، وَالجُؤَارُ) بضمِّ الجيم وهمزة مفتوحة آخره راءُ: (مِنْ تَجْأَرُونَ؛ كَصَوْتِ البَقَرَةِ) وفي رواية: ”البقر“؛ بحذف التَّاء، قال تعالى: {بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ}[المؤمنون:64] أي: يرفعون أصواتهم؛ كما يجأر الثَّور، والحاصل: أنَّه بالجيم للبقر والنَّاس، وبالخاء للبقر وغيرها من الحيوان، وهذا ثابتٌ في رواية الكُشْمِيهَنيِّ دون غيره.
          وفي الحديث: أنَّ ما يُهدى للعمَّال وخَدَمة السُّلطان بسبب السَّلطنة يكون لبيت المال إلَّا إن أباح له الإمام قبول الهديَّة لنفسه؛ كما في قصَّة معاذٍ ☺ السَّابق التَّنبيهُ عليها في «الهبة» [خ¦2597].


[1] في غير (د) و(ع): «أو»، وليس بصحيحٍ.
[2] في (ص): «موهمٌ».
[3] في (د): «وذلك».
[4] في (د): «الأسد»، وليس بصحيحٍ.
[5] قوله: «بفتح السِّين»: ليس في (د).
[6] في (د): «الأسد»، وليس بصحيحٍ.
[7] في (ص): «أو».
[8] «النَّبيُّ»: ليس في غير (ب) و(س).
[9] في (د): «إليَّ».
[10] «المنبر»: سقط من (ع).
[11] «والمُستملي»: سقط من (د).
[12] في (ع): «وسكون».
[13] في (د): «اللَّام»، وليس بصحيحٍ.