إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أنس: أن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي بمنزلة

          7155- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ خَالِدٍ) هو محمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارسٍ (الذُّهْلِيُّ) بضمِّ المعجمة(1) وسكون الهاء وكسر اللَّام، وسقط «الذُّهْلِيُّ» لأبي ذرٍّ، قال: (حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدٌ) بتقديم النِّسبة على الاسم، وهي رواية أبي زيدٍ المروزيِّ كما في «الفتح»، وللأكثر: ”حدَّثنا محمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ“ قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثني“ (أَبِي)(2) عبد الله بن المثنَّى بن عبد الله بن أنسٍ (عَنْ) عمِّ أبيه (ثُمَامَةَ) بضمِّ المثلَّثة وتخفيف الميم الأولى والثَّانية بينهما ألفٌ (عَنْ أَنَسٍ) ☺ : (أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ) قال في «الفتح»: وزاد في رواية المروزيِّ: ”ابن(3) عبادة“ أي: الأنصاريَّ الخزرجيَّ، لا قيس بن سعد ابن معاذٍ، ولأبي ذرٍّ: ”عن أنس بن مالكٍ قال: إنَّ قيس بن سعدٍ“ (كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلعم بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ(4) مِنَ الأَمِيرِ) بضمِّ المعجمة وفتح الرَّاء بعدها طاءٌ مهملةٌ، وزاد الإسماعيليُّ عن الحسن بن سفيان عن محمَّد بن مرزوقٍ عن الأنصاريِّ ممَّا أدرجه الأنصاريُّ من كلامه؛ كما بيَّنه التِّرمذيُّ: «لما ينفِّذه من أموره»، والشُّرطة: أعوان الأمير الذين يتصرَّفون في الجند بأمره، والمراد بصاحب الشُّرطة: كبيرهم، فقيل: سُمُّوا بذلك؛ لأنَّهم رُذالة(5) الجند، أو لأنَّهم الأشدَّاء الأقوياء من الجند، قال الأزهريُّ(6): شرطة كلِّ شيءٍ: خِياره، ومنه: الشُّرطة؛ لأنَّهم نُخْبة الجند، وقيل: هم أوَّل طائفةٍ تتقدَّم الجيش وتشهد الوقعة، وقيل: مأخوذٌ من الشَّريط؛ وهو الحبل المُبرَم؛ لما فيهم من الشِّدَّة، وفي الحديث تشبيه ما مضى بما حدث بعده؛ لأنَّ صاحب الشُّرطة لم يكن موجودًا في العهد النَّبويِّ عند أحدٍ من العمَّال، وإنَّما حدث في دولة بني أميَّة، فأراد أنسٌ تقريب حال قيس بن سعدٍ عند السَّامعين، فشبَّهه بما يعهدونه، وفائدة تكرار لفظ «الكون» في قوله: «كان يكون» بيانُ الدَّوام والاستمرار؛ كما قاله في «الكواكب»، وقوله في «الفتح»: «إنَّه وقع في التِّرمذيِّ وغيره من طرقٍ عن الأنصاريِّ بلفظ(7): كان قيس بن سعدٍ من النَّبيِّ صلعم ، قال: فظهر أنَّ ذلك كان(8) من تصرُّف الرُّواة»، تعقَّبه العينيُّ بأنَّ رواية التِّرمذيِّ وغيره لا تستلزم نفي رواية: «كان يكون»، فإنَّ كلًّا لا يروي إلَّا ما ضبطه، فعدم النِّسبة إلى تصرُّف الرُّواة أَولى من كونهم تصرَّفوا(9) في ذلك من‼ أنفسهم، ومفهوم التَّكرار وزيادة الإسماعيليِّ: أنَّ ذلك كان لقيسٍ على سبيل الوظيفة الرَّاتبة، لكن يُعكِّر عليه ما ذكره الإسماعيليُّ بلفظ: قال الأنصاريُّ: ولا أعلمه إلَّا عن أنسٍ: أنَّه لمَّا قدم النَّبيُّ صلعم كان قيس بن سعدٍ في مقدِّمته بمنزلة صاحب الشُّرطة من الأمير، فكلَّم سعدٌ النَّبيَّ صلعم في قيسٍ أن يصرفه من الموضع الذي وضعه فيه؛ مخافة أن يقدم على شيءٍ، فصرفه عن ذلك، ثمَّ أخرجه الإسماعيليُّ من وجهٍ آخر عن الأنصاريِّ بدون تلك الزِّيادة التي في آخره، قال: ولم يشكَّ في كونه عن أنسٍ، فكأنَّ الأنصاريَّ كان يتردَّد في وصلها، قال الحافظ ابن حجرٍ: وعلى تقدير ثبوت هذه الزِّيادة؛ فلم يقع ذلك لقيس بن سعدٍ إلَّا في تلك المرَّة ولم يستمرَّ مع ذلك فيها.


[1] في (ص): «الذَّال».
[2] قوله: «حدَّثنا محمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ... ولأبي ذرٍّ: حدَّثني أَبِي» سقط من (ع).
[3] في (ع): «أنَّ»، وهو تحريفٌ.
[4] في (س): «الشُّرطة».
[5] في (ع): «رذلة».
[6] في (د) و(ع): «الزُّهري»، وهو تحريفٌ.
[7] «بلفظ»: مثبت من (د).
[8] «كان»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[9] في (د): «يتصرَّفون».