إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذره قومه

          7127- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ) الأُويسيُّ قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ) بن سعدٍ (عَنْ صَالِحٍ) هو ابن كيسان (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ) أباه (عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ☻ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلعم فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: إِنِّي لأُنْذِرُكُمُوهُ) بضمِّ الهمزة وكسر المعجمة (وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ) تحذيرًا لهم من فتنته، وفي حديث أبي عبيدة بن الجرَّاح عند أبي داود وحسَّنه التِّرمذيُّ‼: «لم يكن نبيٌّ بعد نوحٍ إلَّا وقد أنذر قومه الدَّجَّال»، وعند أحمد من وجهٍ آخر عن ابن عمر: «لقد أنذره(1) نوحٌ أمَّته، والنَّبيُّون من بعده»، وإنَّما أنذر نوحٌ وغيره أمَّته به _وإن كان إنَّما يخرج بعد وقائع وأنَّ عيسى يقتله_ لأنَّهم أنذروا به إنذارًا غير معيَّنٍ بوقت خروجه؛ فحذَّروا قومهم فتنته، ويدلُّ له قول نبيِّنا صلعم في بعض طرق الحديث: «إن يخرج وأنا فيكم؛ فأنا حجيجه(2)»، فقد حملوه على أنَّه كان قبل أن يعلم وقت خروجه وعلاماته، فكان صلعم يجوز أن يكون(3) خروجه في حياته صلعم ، ثمَّ أعلمه الله بعد ذلك، فأخبر به أمَّته، وخصَّ نوحًا(4) بالذِّكر؛ لأنَّه مقدَّم المشاهير من الأنبياء؛ كما خُصَّ بالتَّقديم في قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا}[الشورى:13] (وَلَكِنِّي) وللكشميهنيِّ: ”ولكنْ“ (سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ(5)) والسِّرُّ في تخصيصه ╕ بذلك؛ لأنَّ الدَّجَّال إنَّما يخرج في أمَّته دون غيرها من الأمم: (إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ اللهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ) يُحتَمَل أنَّ أحدًا من الأنبياء غير نبيِّنا صلعم لم يُخبَر بأنَّه أعور، أو أُخبِر ولم يُقدَّر له أن يُخبِر به؛ كرامةً لنبيِّنا صلعم ؛ حتَّى يكون هو الذي يبيِّن بهذا الوصف دحوض حجَّته الدَّاحضة، ويبصِّر بأمره جُهَّال العوامِّ فضلًا عن ذوي الألباب والأفهام.


[1] في (د): «أنذر».
[2] في (د): «حجَّته».
[3] «يكون»: ليس في (د).
[4] في (د): «نوحٌ».
[5] في (د): «في قومه».