إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أبي موسى: من حمل علينا السلاح فليس منا

          7071- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ) أبو كُرَيبٍ الهَمْدانيُّ الكوفيُّ، مشهورٌ بكنيتِه أبي كُرَيبٍ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامة (عَنْ بُرَيْدٍ) بضمِّ الموحَّدة وفتح الرَّاء، ابن عبد الله (عَنْ) جدِّه (أَبِي بُرْدَةَ) بضمِّ الموحَّدة وسكون الرَّاء، عامرٍ أو الحارثِ (عَنْ) أبيه (أَبِي مُوسَى) عبد الله بن قيسٍ الأشعريِّ ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ) لقتالنا _معشرَ المسلمين_ بغير حقٍّ، ولمسلمٍ من حديث سلمةَ بن الأَكْوع: «من سلَّ علينا السَّيف»، وعند البزَّار من حديث أبي بَكْرَةَ، ومن حديث سَمُرة، ومن حديث عمرو بنِ عوفٍ: «من شَهَرَ علينا السِّلاح»، وفي سندِ كلٍّ منها(1) لينٌ، لكنَّها يعضُد بعضُها بعضًا، وفي حديث أبي هريرة عند أحمدَ: «من رمانا بالنَّبْل» بالنُّون والموحَّدة (فَلَيْسَ مِنَّا) لما في ذلك من تخويف المسلمين وإدْخال الرُّعب عليهم، وكأنَّه كنَّى بالحمل عن المقاتلة أو القتل؛ للمُلازمة الغالبة، ومن حقِّ المسلم على المسلم أن ينصره، ويقاتل دونه، لا أنْ يُرعبه بحمل السِّلاح عليه؛ لإرادة قتاله أو قتله، والفقهاء مُجمِعون على أنَّ الخوارجَ من جملةِ المؤمنين، وأنَّ الإيمانَ لا يُزِيلهُ إلَّا الشِّركُ بالله وبرسله(2). نعم؛ الوعيد المذكور في هذا الحديث لا يتناول من قاتل البُغاة من أهل الحقِّ؛ فيُحمَل على البُغاة ومن بدأ بالقتال ظالمًا(3)، والأَوْلى عند كثيرٍ من السَّلف إطلاقُ لفظ الخبر من غير تعرُّضٍ لتأويله؛ ليكونَ أبلغَ في الزَّجر، كما حكاه في «الفتح» وغيره.
          وهذا الحديث _أعني: حديثَ محمَّد بن العلاء_ عندَ ابن عساكر في نسخةٍ وليس‼ في الأصل، وقد أخرجه مسلمٌ في «الإيمان»، والتِّرمذيُّ وابنُ ماجه في «الحدود».


[1] في غير (د): «منهما».
[2] في (د): «ورسوله».
[3] في (ع): «ظاهرًا».