إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لو رجمت أحدًا بغير بينة رجمت هذه

          6856- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الفهميُّ إمام المصريِّين قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“ بالإفراد (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) الأنصاريُّ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمَ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ) أي: ابن أبي بكرٍ الصِّدِّيق، كذا بإثبات(1) قولهِ: ”عن القاسم بن محمَّد“ في رواية أبي ذرٍّ. وقال الحافظ ابن حجرٍ: ووقع لبعضهم بإسقاط: ”القاسم بن محمد“ من السَّند وهو غلطٌ، قلت: وقد أسقطه العينيُّ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ ) أنَّه (قَالَ: ذُكِرَ التَّلَاعُنُ) بضم الذال المعجمة مبنيًّا للمفعول، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي‼ ”المتلاعنان“ (عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم ، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ) بفتح العين المهملة وكسر الدال المهملة وتشديد التحتية، العجلانيُّ ثمَّ البلويُّ (فِي ذَلِكَ قَوْلًا، ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَاهُ) أي: أتى عاصمًا (رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ) هو: عُويمر (يَشْكُو أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ) امرأتهِ (رَجُلًا) كذا لأبي ذرٍّ بإثبات المفعول، ولغيره بحذفهِ (فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ) بضم الفوقية الأولى، مبنيًّا للمفعول من الابتلاء (بِهَذَا إِلَّا لِقَوْلِي، فَذَهَبَ) عاصمٌ (بِهِ) بالرَّجل الَّذي شكا له (إِلَى النَّبِيِّ صلعم فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا) لونه (قَلِيلَ اللَّحْمِ، سَبْـِطَ الشَّعَرِ) بفتح السين المهملة وسكون الموحدة وكسرها، وصحَّح عليه في الفرع كأصله، نقيض الجعْدِ (وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أنَّه وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ آدَمَ) بمدِّ الهمزة، أسمرَ شديدَ السُّمرة (خَدْلًا) بفتح الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة، وللأَصيليِّ: ”خِدْلًا“ بكسرها مع تخفيف اللَّام فيهما ممتلئَ السَّاق غليظه (كَثِيرَ اللَّحْمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : اللَّهُمَّ بَيِّنْ، فَوَضَعَتْ) ولدًا (شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أنَّه وَجَدَهُ عِنْدَهَا، فَلَاعَنَ النَّبِيُّ صلعم بَيْنَهُمَا، فَقَالَ رَجُلٌ) هو: عبدُ الله بنُ شدَّاد (لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِي المَجْلِسِ) مستفهمًا: (هِيَ) المرأة (الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ) ولأبوي ذرٍّ والوقتِ: ”قال رسولُ الله“ ( صلعم : لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ؟ فَقَالَ) ابن عبَّاس: (لَا تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلَامِ السُّوءَ) لأنَّه لم يقمْ عليها البيِّنة بذلك ولا اعترفتْ، فدلَّ على أنَّ الحدَّ لا يجبُ بالاستفاضة.
          قال في «الفتح»: ولم أعرف اسم هذه المرأة، وكأنَّهم تعمَّدوا إبهامها سترًا عليها، وعند ابن ماجه بسندٍ صحيحٍ من حديث ابن عبَّاس: «لو كنتُ راجمًا أحدًا بغير بيِّنةٍ لرجمتُ فلانة، فقد ظهرَ فيها الرِّيبة في مَنْطِقها وهَيْئتها، ومَن يدخلُ عليها».


[1] في (ع): «باتفاق».