إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب من أصاب ذنبًا دون الحد فأخبر الإمام فلا عقوبة عليه

          ░26▒ (باب مَنْ أَصَابَ(1) ذَنْبًا دُونَ الحَدِّ) أي: ارتكب ذنبًا لا حدَّ له شرعًا كالقُبْلةِ والغمزةِ (فَأَخْبَرَ الإِمَامَ) به (فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ إِذَا جَاءَ) إلى الإمام حالَ كونه (مُسْتَفْتِيًا) بسكون الفاء طالبًا جواب ذلك، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”مستعْتِبًا“ بالعين المهملة السَّاكنة بدل الفاء وبعد الفوقية موحدة بدل التَّحتية، من الاستعتابِ، وهو طلبُ الرِّضا وإزالةُ العتب، وقال في «العمدة»: وللكُشمِيهنيِّ: ”مستغيثًا“ بالغين المعجمة المكسورة والمثلثة بعد التحتية، من الاستغاثةِ، وهي طلبُ الغوثِ، وزاد في «الفتح» عن الكُشمِيهنيِّ(2) ”مستعينًا“ بالسين المهملة والنون قبل الألف، وفي نسخة ممَّا في الفرع كأصله: ”مستقيلًا“ بالقاف بدل الفوقية وبعدها تحتيَّة فلام ألف(3) أي: طالبًا للإقالة، وغرض البخاريِّ أنَّ الصَّغيرة بالتَّوبة يسقط عنها(4) التَّعزير.
          (قَالَ عَطَاءٌ) هو: ابنُ أبي رباح: (لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِيُّ صلعم ) أي: لم يعاقب الَّذي أخبره أنَّه وقع في معصيةٍ بل أمهله حتَّى صلَّى معه، ثمَّ أخبره أنَّ صلاته كفَّرت ذنبه (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ) عبد الملك: (وَلَمْ يُعَاقِبِ) النَّبيُّ صلعم (الَّذِي جَامَعَ) أهله (فِي) نهار (رَمَضَانَ) بل أعطاه ما يكفِّر به (وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ) بن الخطَّاب ☺ (صَاحِبَ الظَّبْيِ) قبيصة بن جابرٍ إذ اصطادَ ظبيًا وهو محرمٌ، وإنَّما أمره بالجزاء ولم يعاقبْه عليه، وهذا وصلَه سعيدُ بن منصورٍ بسندٍ صحيح عن قبيصة (وَفِيهِ) أي: وفي معنى الحكم المذكور في التَّرجمة (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ) عبد الرَّحمن بن ملٍّ النَّهديِّ (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ) عبد الله ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) ولأبي ذرٍّ: ”عن أبي مسعود“ قال / الحافظ ابن حجرٍ: وهو غلطٌ، والصَّواب: ابن مسعود، وزاد أبو ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ بعد قولهِ: وسلَّمَ: ”مثله“ وهي زيادةٌ لا حاجةَ إليها؛ لأنَّه يصيرُ ظاهره أنَّ النَّبيَّ صلعم لم يعاقب صاحب الظَّبي، وهذا وصلَه المؤلِّف في «باب الصَّلاة كفَّارة»، في أوائلِ «كتاب المواقيت»، من رواية سليمان التَّيميِّ عن أبي عثمان عن ابن مسعود، بلفظ: أنَّ رجلًا أصابَ من امرأةٍ قُبْلةً، فأتى النَّبيَّ صلعم فأخبرَه فأنزلَ الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ}[هود:114] فقال: يا رسول الله أليَ هذا؟ قال: «لجميعِ أمَّتي كلِّهم» [خ¦526].


[1] في (ع): «آتى».
[2] قوله: «مستغيثًا بالغين ... عن الكُشمِيهنيِّ»: ليس في (ع).
[3] «ألف»: ليست في (ع)، وفي (ص): «فألف».
[4] في (ع) و(ص) و(د): «تسقط».