إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان ابن عمر يعطي زكاة رمضان بمد النبي

          6713- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الوَلِيدِ الجَارُودِيُّ) بالجيم، قال: (حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، وَهْوَ سَلْمٌ) بفتح السين المهملة وسكون اللام، الشَّعِيريُّ _بفتح المعجمة وكسر المهملة_ البصريُّ أصله من خُراسان، قال: (حَدَّثَنَا مَالِكٌ) إمام الأئمَّة، ابن أنسٍ الأصبحيُّ (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابنِ عمر، أنَّه: (قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ) ☺ (يُعْطِي زَكَاةَ رَمَضَانَ) أي: صدقةَ الفطرِ منه (بِمُدِّ النَّبِيِّ صلعم ) وهو رطلٌ وثلثٌ بالبغداديِّ، وهو مئة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، كما مرَّ‼ (المُدِّ الأَوَّلِ) بالجرِّ صفةٌ لازمةٌ لـ «مدِّ النَّبيِّ صلعم » وأرادَ نافعٌ بذلك أنَّه كان لا يعطي بالمدِّ الَّذي أحدثهُ هشامٌ، وهو أكبرُ من مدِّ النَّبيِّ صلعم بثلثي مدٍّ(1)؛ إذ مُدُّ هشام رطلان والصَّاع منه ثمانيةُ أرطالٍ (وَفِي كَفَّارَةِ اليَمِينِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلعم ) لم يكن للنَّبيِّ صلعم إلَّا مدٌّ واحدٌ.
          (قَالَ أَبُو قُتَيْبَةَ) سَلْمٌ المذكور بالسَّند السَّابق: (قَالَ لَنَا مَالِكٌ) الإمامُ: (مُدُّنَا) المدنيُّ، وإن كان دون مدِّ هشامٍ في القدر، فإنَّه (أَعْظَمُ مِنْ مُدِّكُمْ) في البركةِ الحاصلةِ فيه بدعاءِ النَّبيِّ صلعم (وَلَا نَرَى الفَضْلَ إِلَّا فِي مُدِّ النَّبِيِّ صلعم ) وإن كان مدُّ هشامٍ أفضلَ بحسب الوزنِ، قال أبو قتيبة سَلْمٌ أيضًا: (وَقَالَ لِي مَالِكٌ) الإمامُ: (لَوْ جَاءَكُمْ أَمِيرٌ فَضَرَبَ مُدًّا أَصْغَرَ مِنْ مُدِّ النَّبِيِّ صلعم بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُعْطُونَ) الفطرةَ والكفَّارةَ؟ قال أبو قُتيبة: (قُلْتُ) له: (كُنَّا نُعْطِي) ذلك (بِمُدِّ النَّبِيِّ صلعم . قَالَ) مالكٌ: (أَفَلَا تَرَى أَنَّ الأَمْرَ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى مُدِّ النَّبِيِّ صلعم ) لأنَّه إذا تعارضتِ الأمداد الثَّلاثة: الأوَّل، والحادثُ وهو الهشاميُّ وهو زائدٌ عليه، والثَّالث المفروضُ وقوعه وإن لم يقعْ وهو دون الأوَّل، كان الرُّجوع إلى الأوَّل أولى؛ لأنَّه الَّذي تحققَّتْ شرعيَّتُه(2) لنقل أهلِ المدينة(3) له قرنًا بعد قرنٍ وجيلًا بعد جيلٍ، وقد رجعَ أبو يُوسف بمثلِ هذا إلى قول مالكٍ، كما مرَّ [خ¦6712].
          والحديث من أفرادِه، وهو غريبٌ، ما رواه عن مالكٍ إلَّا أبو قتيبةَ، ولا عنه إلَّا المنذر(4).


[1] في (ع) و(د): «رطل».
[2] في (ع) و(د): «شريعته».
[3] في (ع): «السُّنة».
[4] في (د): «النذر».