إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {أو تحرير رقبة} وأي الرقاب أزكى؟

          ░6▒ هذا (باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى) في آية كفَّارة اليمين من(1) سورةِ المائدة: ({أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المائدة:89]) قال الحنفيَّة: مؤمنةٍ أو كافرةٍ؛ لإطلاق النَّصِّ إلَّا في كفَّارة القتلِ، فإنَّ الله قيَّد الرَّقبة فيها بالإيمان، وشرط الشَّافعيُّ ☼ الإيمانَ لجميع الكفَّارات مثل كفَّارة القتلِ والظِّهار والجماعِ في نهار رمضان حملًا للمطلقِ على المقيَّد، كما أنَّ الله تعالى قيَّد الشَّهادة بالعدالةِ في موضع(2)، فقال‼: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ}[الطلاق:2] وأطلقَ في موضعٍ، فقال: {وَاسْتَشْهِدُواْ (3) شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ}[البقرة:282]، ثمَّ العدالة شرطٌ في جميعها حملًا للمطلقِ على المقيَّد كذلك(4) هذا (وَأَيُّ الرِّقَابِ أَزْكَى؟) فيه إيماءٌ إلى حديثِ أبي ذرٍّ السَّابق في أوائل / «العتق» [خ¦2518]: «قلتُ: فأيُّ الرِّقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمنًا وأنفسُها عند أهلِها»، وكأنَّ المؤلِّف أشارَ بذلك إلى موافقةِ الحنفيَّة؛ لأنَّ أفعل التَّفضيل يقتضِي الاشتراك في أصلِ الحكمِ. وقال ابنُ المُنَيِّر: لم يترجمْ على عتق الرَّقبة في الكفَّارة؛ لأنَّه لم يجد نصًّا في اشتراطِ الإيمانِ في كفَّارة الأيمان، فأورد التَّرجمة محتملةً، وذكر أنَّ الفضل والمزيَّةَ لعتقِ المؤمنة، فنبَّه على مجالِ النَّظر، فلقائلٍ أن يقول: إذا تفاوتَ العتق وكان أفضلهُ عتق المؤمنةِ، ووجبَ علينا عتقُ الرَّقبة في اليمين، كانَ الأخذُ بالأفضلِ أحوطَ للذِّمَّة، وإلَّا كان المكفِّر بغير المؤمن على شكٍّ في براءة الذِّمَّة، قال: وهذا أوضحُ من الاستشهادِ بحمل المطلقِ على المقيَّد في كفَّارة القتلِ؛ لظهور الفرق بالتَّغليظ هنالك.


[1] في (ع) و(د): «في».
[2] «في موضع»: ليست في (د).
[3] في (د): «واشهدوا».
[4] في (ع): «لذلك».