تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب: ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية

          ░35▒ (بَابُ مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَراجَعَانِ بينهما بالسَّوِيَّةِ) (ما) متضمِّنة معنى الشَّرط أي مهما كان من خليطين أي مخلوطين أو خالطين، (فَإِنَّهُمَا) أي الخليطين بالمعنى الثَّاني، أو مالكيهما بالمعنى الأوَّلِ، ولا مانع من ذلك إذ فعيل يأتي بمعنى المفعول وبمعنى الفاعل، ويجوز جمعها(1) باعتبارين، فيكون خليط بمعنى المخلوط بالنسبة إلى المال، وبمعنى الخالط بالنسبة إلى المالك. وقوله: (يَتَرَاجَعَان) يعني أن من أخرج منهما زكاتهما من ماله رجع على الآخر بقدر نسبة ماله إلى جملة المال حتَّى لو كان لكلٍّ منهما عشرون شاة، وأخرج أحدهما شاة من ماله رجع على الآخر(2) بقيمة نصف الشَّاة، ولو كان لأحدهما ثلاثون وللآخر عشرة، فأخرج مالك الثَّلاثين شاة من ماله رجع على الآخر بقيمة ربعها، فقوله: (بالسّويَّة) أراد به النسبة.
          (طَاوُسٌ) أي ابن كيسان (وَعَطَاءٌ) أي ابن أبي رباح (إِذَا عَلِمَ) بكسر اللَّام مخففة، وفي نسخة: <علَّم> بفتحها مشددة. (فَلَا يُجْمَعُ(3) مَالُهُمَا) أي في الصَّدقة، فلو كان لكلِّ واحد منهما عشرون شاة مميزة بعلامة، فلا زكاة فيهما عند هذا القائل، أو هو محمول على ما إذا لم تكمل(4) شروط خلطة الجوار.
          (وَقَالَ سُفيَانُ) أي الثَّوريُّ. (لَا تَجِبُ) أي الزَّكاة في الخليطين. (حَتَّى يَتمَّ(5) لِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً وَلِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً) أي فيجب حينئذٍ على كلِّ واحدٍ شاة. فلم يعتبر سفيان خلطة الجوار، واعتبرها الشَّافعيُّ كخلطة الشُّيوع.


[1] في (ع) و(ط) و(ص): ((جمعهما)).
[2] قوله: ((بقدر نسبة ماله إلى جملة... ماله رجع على الآخر)) ليس في (ط) و (د).
[3] في (د): ((جمع)).
[4] في (ع): ((يكمل)).
[5] في (ط): ((تتم)).