تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

حديث: أرب ماله تعبد الله ولا تشرك به شيئًا

          1396- (عَن ابْنِ عُثْمَانَ(1)) في نسخة: <عن محمَّد بن عثمان> (عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ) بفتح الميم والهاء. (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) هو خالد بن زيد.
          (أَنَّ رَجُلًا) هو أبو أَيُّوب الرَّاوي كما قاله ابن قُتَيْبَةَ، ولا مانع من أن يُبهِم نفسه لغرض له، وأمَّا(2) تسميته في حديث أبي هريرة الآتي [خ¦1397]: ((بأعرابي(3))) فلا ينافي ذلك لجواز تعدُّد القصَّة، وهذا الأعرابيُّ كما حكاه شيخنا عن رواية البغوي وغيرِه هو ابن المنتفق(4)، قيل: واسمه لقيط بن صبرة.
          (أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجنَّةَ) برفع يدخلني، والجملة صفة لعمل، وجواب الأمر محذوف؛ أي يثيبك(5) الله، ويجوز جزمه جوابًا للأمر، وعليه فتنوين (عمل) للتَّفخيم والتَّعظيم ليكون بالوصف مقيَّدًا(6).
          (قَالَ) أي من حضر (مَا لَهُ؟ مَا لَهُ؟) استفهامًا(7) ؛ أي(8) أيُّ شيءٍ جرى له؟ وكرَّر للتَّأكيد. (أَرَبٌ مَا لَهُ) بفتح الهمزة والراء وتنوين الموحِّدة مع الضمِّ؛ أي حاجةٍ يطلبها، وهو إمَّا خبر مبتدأ محذوف بتقدير مضاف أي هو ذو حاجة، ثُمَّ تعجَّب صلعم من حرصه في سؤاله، فاستفهم على سبيل التَّعجُّب بقوله: (مَا لَهُ؟) وإمَّا مبتدأ خبره (ما له) و(ما) زائدة للتَّعظيم، وقيل: للتَّقليل؛ أي له حاجة عظيمة أو يسيرة، وروي (أَرَبَ) بوزن ضرب(9) ؛ أي حاجة له، و(ما) زائدة نظير ما مرَّ. (وأَرِبَ) بوزن عَلِمَ، ومعناه الدُّعاء عليه؛ أي أُصِيْبَتْ آرَابُه، وهي كلمة لا يراد بها وقوع الأمر، كما في ((تَرِبَتْ يَدَاكَ))، وإنَّما يُذْكَرُ في معرض التَّعجُّبِ. (وأَرِبٌ(10)) بالتَّنوين بوزن حَذِرٍ(11). أي حاذق يسأل عما يعنيه(12) أي هو أَرِبٌ(13)، فحذف المبتدأ.
          (ثُمَّ قَالَ مَا لَهُ؟) أي شأنه (وتَصِلُ(14) الرَّحِمَ) أي تحسن لقرابتك(15)، وخصَّ الرَّحم بالذِّكر لقربها(16) من السَّائل، أو نظرًا لحاله(17) كأنَّه كان(18) قطَّاعًا لها، فأمره بصِلَتِهَا لأنَّه(19) المهم بالنسبة إليه، وعطفُ الصَّلاةِ وما بعدها على العبادةِ مِن عَطف الخاصِّ على العامِّ.
          (بَهزٌ) أي ابن أسد. (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) زاد في نسخة: <عن النَّبيِّ صلعم>. (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) أي البخاريُّ (إِنَّمَا هُوَ عَمْرو) أي ابن عثمان إذ الحديث محفوظ عنه، لا عن محمَّدٍ كما وهم فيه(20) شعبة.


[1] في (ط): ((عباس)).
[2] في (ط): ((وما)).
[3] في (ح): ((يا أعرابي)).
[4] في (ص): ((المشفق)).
[5] في (ع) و(ط) و(ص): ((يثبك)).
[6] في (ص): ((مفيدا)).
[7] في (ع) و(ص): ((استفهام)).
[8] قوله: ((أي)) ليس في (ط).
[9] في حاشية (ص): ((قوله: أربَ بوزن ضرب إلى آخره فإن هذه لا معنى لها. انظر عبارة القاضي في ابن حجر فإنها هي الواضحة في ذلك)).
[10] ضبطها في (ص): بفتح الراء والتنوين.
[11] في (ع): ((حزر)). وضبطها في (ص): بفتح الذال والتنوين.
[12] في (ط): ((يعلبه)).
[13] ضبطها في (ص) بفتح الراء والتنوين.
[14] في (ط): ((وقيل)).
[15] في (ص): ((بقرابتك)).
[16] في (ط): ((تقربها)).
[17] في (ع): ((أو نظر الحالة)).
[18] قوله: ((كان)) ليس في (ح) و(ع).
[19] في (ع) و(ط) و(ص): ((لأنها)).
[20] قوله: ((فيه)) ليس في (ط).